
متطوعو “الهلال الاحمر العراقي”
تضحيات بالأرواح … مواقف بطولية .. ومشاهد انسانية تعلَق بالاذهان
إعداد: راضية صحراوي ـ فهد العتيبي “بغداد العراق” :
لا شيء يقف أمامهم .. و لا شيء يخيفهم من اجل خدمة الإنسان وبناء ما خربته وقصفته الحرب، يناضلون ويضحون بأنفسهم لإنقاذ الأبرياء، هم الشباب المتطوع في الهلال الأحمر العراقي ، شباب الإنسانية يروون لـ “معكم” قصص التحدي ، و يكابدون من أجل إحلال السلم والأمن .

حامد خلف حريج
إنقاذ وقصة مُخيم أوضاعه مريبة
“حامد خلف حريج” مسعف متطوع مستجيب أول بغداد ،قال : كان القصف رهيب .. والقناص يتربص بنا ، أنقذت عجوزًا كادت تموت تحت الأنقاض ، هي قصة رواها لنا “حامد خلف حريج” في الأربعينيات من العمر ، أب لـ 5 أطفال ، يقول انه كان أول من دخل مخيم الجدعة بمنطقة الكيارة ، حيث كانت أوضاع مريبة ، ومحزنة ومخيفة أيضًا كونها منطقة يصعب الولوج إليها بسبب احتدام المعارك. ويُضيف : قدمنا الدعم النفسي للهاربين من الموت ، و قدمنا مساعدات للأسر . نحن نسعف عوائل دمرت بناياتها و قتل القصف فلذات أكبادها .عملُنا كمسعفين ليس بالسهل، نحن بالهلال الأحمر العراقي نعيش في تأهب دائم، عندما تقصف مدينة نكون أول المنقذين للعوائل وأبلغ مثال هو منطقة الموصل التي تعتبر من بين المدن التي شهدت دمارًا وتخريبًا قاتلا حد الموت.
عجوزٌ تئن تحت القصف ورعبها يتحول لأمن واستقرار
وعرجَ “خلف” على قصة عجوز من مدينة واد العين بالموصل، تُركت من قبل عائلة متكونة من ستة أفراد جراء القصف و انتشار القناصين بالمنطقة عندما استنجدت بهم العائلة لإنقاذ العجوز المعاقة التي علقت بمنزل مهدم و صعب إخراجها جراء القصف الكثيف و رصاص القناص الذي كان يتربص بكل كائن حي تجري الحياة في عروقه . ويؤكد بأنه ذهب لوحده باعتباره لحظتها المسعف الوحيد المتطوع بالهلال الأحمر العراقي لإنقاذ العجوز، ودخل المنزل المهدم والمظلم ، حيث لا يكاد يرى أين تطأ قدماه جراء تطاير غبار الانقاض و رائحة الموت التي تلف المكان. يقول :” دخلت المنزل و كانت العجوز ملقاةً على الأرض تنتظر الموت فلم تكن تتخيل ان شخصًا ما سيأتي لانتشالها من بؤرة الدمار و أخذها إلى منطقة أمنة و مستقرة ، دنوت منها و الغبار يلف وجهها ، كانت مرعوبة ومصدومة من هروب عائلتها و تركها وحيدة معدمة” ، ويواصل حديثه : هونت عليها الأمر وتحدثت اليها بلطف ، رفعتها فتشبذت أناملها بي بقوة ، أخرجتها من الحطام تحت رصاص القناص، حينها أخذت العجوز إلى إحدى المستشفيات لتلقي العلاج لم اترك العائلة لوحدها و بقيت معهم لمدة ثلاثة ايام .
تقديم العون والإرتقاء بـ “الانسان”
وقال “خلف” : نحن بالهلال الأحمر العراقي نحاول ان نقدم العون حبًا في عمل الخير و إيمانًا بالقضية ، قضية الارتقاء بالخدمة الإنسانية، وفي مراتٍ عدة نترك اسرنا لمدة طويلة لخدمة الناس، تجد عوائل مشردة بلا طعام، حُفاةً، عراة.

تركوا منازلهم و جثث ذويهم بلا قبر يحويهم هربًا من جحيم النار والحرب
“حسين كرادة” ذلك المسعف الذي أنقذ أمًا مقعدة فقدت 14 فردًا من عائلتها يقول : كان البيت مفخخًا والجثث تملأ المكان، لم يكن بوسع عجوزٍ في السبعينيات من العمر الفرار من القصف ولا من الرصاص ولا حتى من الألغام التي تجهل مكانها، فوزنها الزائد حال دون نقلها إلى خارج منزلها، كانت مقعدة لا تقوى على الصراخ او حتى على الأنين ، لم تعلم أن 14 فردًا من عائلتها لقوا جميعًا حتفهم وستبقى بدون معيل . ويواصل “كرادة” حديثه باعتباره مسعف متطوع بالهلال الأحمر العراقي ، والذي كان ضمن فريق الإنقاذ للعوائل العالقة بمدينة الموصل : كان القصف شديد ، و عمليات إجلاء المدنيين على أشدها ، وفرق الهلال العراقي في كل مكان ، ويُضيف : تفاجآنا بوجود عجوز مقعدة تزن 200 كجم ، وسط جثث أبناءها الذين لم تترك لهم نيران القصف ولا صوت الرصاص الوقت للفرار ، فالكل غادر الحياة و بقيت الأم تصارع المجهول .وأردف : احتار فريق الهلال الأحمر في كيفية نقلها فالناقلة لن تتحمل وزنًا زائدًا ، حيث كان الأمر معقدًا للغاية ، فلم يكن باستطاعتنا البقاء بالبيت المفخخ خشية انفجار المكان ، حينها وكما قال : بكل قوانا نقلنا العجوز إلى سيارة الإسعاف التي لم تتحمل وزنها هي الأخرى وانطلقنا إلى أقرب مستشفى لتتلقى العلاج. وتابع : كنا نواسيها في فقدان عائلتها و فلذات أكبادها طوال الطريق و نحاول تقديم الدعم النفسي لها إلا إن الغريب في الأمر أن العجوز ومع كل ما أصابها من هلع ورعب كانت تضحك و عيناها تشيعان بالحياة لأننا أعدنا لها الأمل للعيش في بيئةٍ آمنة .
المصدر: معكم