


انا طفل لست كغيري، أرى العالم من منظور مختلف، أرى الكون بعيوني الصغيرة، يرتسم بألوانٍ كثيرة، فأنا ارى في السماء أبعد من زرقته الجميلة، أرى فيه موطناً لأحلامي الكبيرة، وأرى نفسي ذات يوم طياراً في طائرة من هندسة طفل آخر، له طموح يشبه طموحي، أو أرى نفسي رائد فضاء أحط على سطح القمر، وأعبر في طريقي على المريخ لأصل إلى كوكب زحل.
عندما أنظر للجبال أرى نفسي معمارياً فائق القوة، أقوم بنحت قصورٍ منها في خيالي، وأتقمص دور مصممٍ لكل غرفة في كل منزل، فتأخذ إحدى الغرف اللون الوردي لطفلة في عمر الزهور تسكنها، وأخرى ترتسم على جدرانها زهور الأقحوان والسوسن البري ليافعة تحتاج قلباً يحتويها، وأخرى تأخذ لوناً قوياً لشابٍ ذو عزةٍ عالية.
أما على الطرقات فأكون مهندساً لها، ومن افكاري اصنع مساراتٍ فيها الكثير من الابداع، ما كانت واقعاً قبل وجودي في هذا الزمان، وفوق الطرقات، وداخل المسارات أرى اصدقائي قد صمموا مركباتٍ فيها ابداع عن أي عمل سابق، فمنها ما يسير ومنها ما يطير كأنه من مستقبلٍ لاحق.
انا لي أجنحةٌ تطوف بي في كل مكان، وتأخذني بعيداً بعيداً في أعماق الزمان، لا تطلبوا مني أن أكون نسخة منكم أو أفعل ما تأمرون به الآن، فأنا لا أعيش لهذا الآوان، فلا تقطعو اجنحتي وكونوا لي الأمان، فأنا كيان لست كغيري في كل الأزمان.
