

العنف… “أنواعه، أسبابه، أضراره وعلاجه”

يعد العنف من القضايا التي تحظى باهتمام القانون والثقافة في كافة أنحاء العالم فهو ظاهرةٌ مجتمعيةٌ خطيرةٌ وجدية ولها آثارها المدمرة وعواقبها الوخيمة والتي قد تكون قصيرة الأجل وربما طويلة .
فالعنف يعبر عن السلوكيات السيئة وغير المقبولة والسلبية ويحدث على نحو يومي مراراً وتكراراً , حيث يُعد أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم ويتعرض له الكبار والصغار من كلا الجنسين ذكوراً وإناثاً, وله صور وأشكال كثيرة إذ من الممكن أن ُيمارسه الشخص تجاه نفسه أو تجاه الآخرين مسبباً لهم الأضرار الجسدية والنفسية والمادية، ومن الممكن أن نشاهده ونسمع عنه في المنزل بين الأزواج وبين أفراد الأسرة الواحدة , و ربما في العمل وربما في المدارس وربما في الشارع وغيرها, وقد تصل في بعض الأحيان إلى الحروب والإبادات الجماعيّة إذا هو ظاهرة منتشرة عالمياً.
أنواع العنف:

تتعدد أنواع العنف الذي تتم ممارسته فهناك :
- العنف البدني “الجسدي” : هو أي نوع من أنواع السلوك المتعمد، الذي ينتج عنه إحداث الضرر والأذى على جسم الشخص ويكون من خلال التعرض للضرب، والركل، والخنق،والحرق، والحبس، والربط، واستخدام الأدوات الحادة التي تترك ندوباً وآثاراًعلى الشخص داخلية أو خارجية على أعضاء الجسم كالكدمات والجروح المختلفة، أو أي أعمال أخرى غير مباشرة من الممكن أن تسبب في حدوث ضرر للشخص (كعدم توفير العلاج له أو إيقافه عنه، أو عدم إعطاء الشخص غذاءً كافياً) وهذا يؤثر على نفسيته بشكل كبير.
- العنف النفسي ” العاطفي” أو اللفظي : ويتضمن التهديد، أو التخويف، أو من خلال استخدام تعبيراتٍ مهينةٍ وعباراتٍ جارحة، وتعليقاتٍ هدامةٍ تجاه شخص معين، أو حتى يقولها الشخص لنفسه بينه وبين نفسه ، أو المطالبة بالقيام بأشياء غير واقعية أو بجرح مشاعره ومعايرته إلى غير ذلك من الأعمال التي تتسبب في الأذى النفسي للشخص.
- العنف الجنسي : ويقصد به إجبار الشخص الآخر على القيام بأيّ نشاط جنسي من خلال أي اتصال قسري أو حيلي، أو متلاعب مع الشخص.
أسباب العنف :

لايقتصر العنف كسلوك أو ظاهرة على زمن بذاته أومكان أو عرق أو دين بل إن أسبابه ودواعيه متنوعة ومتعددة وهناك العديد من الأسباب نذكر بعضاً منها:
- العنف الأسري فقد يكون هناك عنف داخل الأسرة من ضرب وشتم وتحقير مما يؤثر سلباً على أفراد الأسرة فيتولد عندهم أو عند أحدهم ردة فعلٍ عنيفة تجاه بعضهم البعض وربما قد يبحثون عن مكان خارج البيت لينفسوا فيه عما يجول بخاطرهم وفكرهم، لذا من الواجب على الوالدين اجتناب أفعال العنف أمام أطفالهم.
- ضعف الفهم للدين وهذا من ضمن أهم الأسباب فقد يكون هناك ضلال في فهم الدين الصحيح لدى بعض الشباب كما في بعض الجماعات المتطرفة والتي تتخذ من العنف وسيلة للتعبير عن أفكارها وآرائها.
- انتشار البطالة بين الشباب، فمن المعروف أنّ الفراغ يخلق حالة سلبيّة للشخص وبالتالي يؤدّي إلى قيامه بأفعال غير صحيحة وغير مسؤولة.
- ضعف قنوات الحوار بين الشباب والجهات المعنية لحل مشكلاتهم، حيث يتم التعامل مع هذه المشكلات بسطحية شديدة دون معالجة حقيقية لها، أو إيجاد حلول واقعية وسليمة وقد تكون الحلول مجرد وعود لا أصل لها.
- قلة الوعي بالأساليب المناسبة للتعامل مع المواقف، ووقوع الظلم على بعض الأشخاص يجعلهم أكثر عنفاً وعدواناً.
- مبالغة الإعلام في تصوير العنف كسلوك مثير ومقبول وترويج المجرمين والأشرار كأفراد خارقين يقومون بعمليات بطولية.
- تكرار ظهور العنف في الدراما والبرامج الإعلامية ليصبح شيئاً عادياً مستساغاً ووسيلة مقبولة لدى أفراد المجتمع لمواجهة مواقفهم وتحدياتهم وصراعاتهم.
- عدم بث البرامج التوعوية والتي تنمي لدى الفرد روح المبادرة والإيثار والحث على العمل التطوعي حيث لا يخصص برامج تنمي روح التفكير والإبداع لدى جيل الشباب الذي هو يمثل شريحة كبيرة وواسعة من المجتمع.
- فقدان العقل بسبب سرعة الغضب والاندفاع والتسرع وعدم ضبط الأعصاب والتهور، ونحن نعرف أن هذه الأمور هي سبب للكثير من المشاكل.
- الدوافع السياسية، فقد تؤثر على الغير لمصلحة فرد أو جماعة أو حزب أو مؤسسة وعلى حساب طرف آخر لتبين للغير أنها ترى المصلحة في ما يراه صاحب القرار، لا في ما يراه غيره من الآخرين.
أضرار العنف:

للعنف آثار خطيرة تترتب عليه وقد يدركها الشخص المتعرض للعنف أكثر من غيره، ومن هذه الآثار:
- أضرار نفسيّة: الشخص الذي يتعرض للعنف يكون عُرضة للاضطرابات الشخصية وقد يفقدُ الأملَ ويسودُ حياته التشاؤم الذي يؤدّي بصاحبِه إلى الإدمان على التدخين أو المخدّرات أو غيرها، وقد يلجأ البعض إلى الشذوذ أحياناً، ومن الممكنِ أن تتفاقمَ الأمور لتصل به إلى التفكير بالانتحار.
- أضرار جسديّة: قد يؤدي العنف إلى تعرّض المعتدى عليه للجروح والإصابات التي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان وقد يتعرض إلى تشوهات جسديّة نتيجة هذا العنف .
- أضرار صّحية : قد يكون المعتدى عليه عرضة لتدهور صحيّ كامل وقد يكون عرضة للإعاقة العقليّة نتيجة هذا الاعتداء.
- أضرار اجتماعيّة: تتمثّلُ في حدوث صعوبة بالتواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى الشعور بالحقد والكراهية من المجتمع المحيط فيتولد بذلك العنف لدى المعتدى عليه، فيفقد بذلك مهارات الانخراط مع مَن حوله، ويعادي بذلك المجتمع المحيط بأكمله خاسراً بذلك ثقته فيمَن حوله وثقته بنفسه وثقة الآخرين به.
علاج ظاهرة العنف :

- توعية الناس أخلاقياً ودينياً واجتماعياً منذ مراحلهم العمريّة الأولى.
- تطبيق تعاليم الإسلام في الحياة الأسرية والمجتمعية والتوعية بأهمية إعطاء الدُّروس والنّدوات وإقامة المؤتمرات للتأكيد والتّذكير بقيم الإسلام وأخلاقه، والأساليب التي شجّع عليها في معاملة الغير.
- المساواة في تطبيق القوانين بين الناس، دون وجود أيّ نوع من أنواع التحيُّز أو المحاباة، فالناس أمام القانون يجب أن يكونوا متساويين تماماً.
- تصحيحُ مسارِ الإعلامِ وبرامجه المُقدَّمة للمتلقّين، وإدانة العُنف بمُختلف أشكاله وأنواعه وصوره، وتوعية الشّبابِ بأهميَّة الاحتكامِ للأعراف والقوانين دون الاجتهاد الشخصي بتَحصيل الحقوق بطريق القوة.
- العمل على إشباع الحاجات النفسية والمادية والاجتماعية والسلوكية لأفراد الأسرة داخل المجتمعات.
- مساعدة الشباب في الحصولِ على أعمالٍ تشغل فراغهم وتضمن مستقبلهم، ومُساعدتهم على الزواج وبناء الأسر.
إن القضاء على ظاهرة العنف بكافة أشكالها يحتاج جهداً كبيراً ومحاولات جادة من الجميع ومن الجهات المعنية على وجه الخصوص فمخاطر العنف لديها القدرة على هدم مجتمعات كثيرة وظهور ظواهر أكثر تعقيداً وهذا ما يجعلنا نواجه شباباً لا يحملون بداخلهم إلا الحقد والكراهية والبغضاء بعيدين كل البعد عن قيم الإسلام السمحة وأهها قيمة التسامح والمحبة بين الأفراد، لذا يجب النظر في القوانين المعنية والعمل على سن قوانين صارمة من شأنها مكافحة كافة أنواع العنف ومعاقبة المعتدين أشد العقاب.
