



في محطة القطار كنت أراه دائماً جالساً على الكرسي بجانب النافذة كان يحمل سلة من القش مليئة بالكتب و يرتدي معطف ذو لون أزرق ، شاب في منتصف الثلاثين ، طويل القامة و قوي البنية ، و يمسك في يده كتاب ، كنت أتعجب منه كيف يستطيع قراءة هذه الكتب الكثيرة ، و أتعجب أكثر من حملة لسلة القش ؛ فالقش كان ثمين هذه الأيام بالتأكيد وَرثَها عن أجداده .
في محطة القطار كنت أراه دائماً جالساً على الكرسي بجانب النافذة كان يحمل سلة من القش مليئة بالكتب و يرتدي معطف ذو لون أزرق ، شاب في منتصف الثلاثين ، طويل القامة و قوي البنية ، و يمسك في يده كتاب ، كنت أتعجب منه كيف يستطيع قراءة هذه الكتب الكثيرة ، و أتعجب أكثر من حملة لسلة القش ؛ فالقش كان ثمين هذه الأيام بالتأكيد وَرثَها عن أجداده .
عند ذهابي إلى العمل أُصادفة و عند عودتي أيضاً، أظن أن طريقة على طريقي ، لأن الصدفة تجمعنا سوياً ، الكتاب الذي كان في حوزته مكتوب عليه ( زمن الخيول البيضاء ) إستهواني العنوان وقلت جميل لربما أطلب منه أن استعير الكتاب و أعيده في المرة القادمة فأنا أراه دائماً أعتقد بأنه لن يمانع ، ولكن قبل ذهابي أوقفه شرطي في المحطة وقال له : يا هذا لماذا تحمل كل هذه الكتب في السلة الكبيرة ؟ هل تتاجر بها ؟
قال الشاب : لا يا سيدي فأنا أحب القراءة و أشغل وقتي فيها حتى يحين وقت القطار ، فأنا أعمل بالمدينة المجاورة لنا و طريقي طويل ، فقال الشرطي : لا أُصدقك إفتح هذه الكتب و دعني أُلقي نظرة عليها ، ففعل ذلك و أخذ يفتح كل كتاب على حدى و يريه للشرطي ، نظرات الشرطي كانت لا تشعره بالإطمئنان فشكوكه لم تكن في محلها و بقي يبحث عن سبب يجعل الشاب في كل مرة يقف و يتأخر عن الصعود للقطار لأن الشرطي يشك في أمره ولكن في كل مرة كان يتركه ليذهب لأنه لم يجد شيءً .
في يوم من الأيام جلست بجانبه وقلت له : مرحباً أنا أراك دائماً هنا ، و شعرت بالفضول نحو سلتك هذه المليئة بالكتب أريد أن أستعير كتاباً منها و أُعيده إليك إذا لم تمانع ؟
قال : لا طبعاً تفضلي في إختيار ما ترغبين ، واعتبريه هدية لك ، لا مشكلة ، فعلاً أخذت الكتاب و شكرته عليه ، ظللت أراه لمدة 5 سنوات و أنا أذهب إلى عملي و أعود منه ، فجأه في يوم من الأيام لم أراه و لم يعد يأتي إلى المحطة لمدة تتجاوز الشهر ، فرحت أسأل الشرطي عله يعلم أين ذهب ؟
قال الشرطي : أنه توفي قبل شهر ، ولكن المفاجأه أنه كان يصنع ثروة من بيع القش الذي كان مصنوع من السلال التي يضع فيها الكتب فكان يصنعها بيديه و يبيعها للمدينة المجاورة ، حقاً ذكي فلم يخطر في بال أحد أن ينسى الكتب و يركز على السلة ، فكان يخبئ خلف الكتب هدف و غاية أخرى و يجعل العيون تبتعد عنه .
