




مُمارسة العنف والسلوك العدواني من قبل فردٍ أو مجموعة أفراد نحو غيرهم ظاهرة عدوانية غير مرغوبة ويطلق عليها ” التنمر”، وقد يعتقد البعض أن هذه الظاهرة لا تحدث إلا في المدارس أو في أماكن العمل ولكن الصحيح هو أن هذا السلوك السلبي أصبح واسع الانتشار في وقتنا الحالي إلى أن تعدى حاجز العلاقات الأسرية، وبات القوي يمارس سلطته الغير سوية حتى بين أفراد العائلة الواحدة، ليطغى أسلوب الاستهزاء والاستهتار والسخرية بينهم متناسين نتائجه المدمرة سواء النفسية والعاطفية وغيرها، متغافلين المبادئ والقيم التي هي الأساس في بناء هذه العلاقات.
ونحن هنا اليوم لنتحدث عن أحد الجوانب السلبية لهذه الظاهرة والتي طالت علاقة الشريك بشريكته ” الزوج والزوجة” والذي يُسمى بــ” التنمر الزوجي “ والذي أصبح عائقاً أمام مستقبل الأسرة وسبباً لا يقل أهمية عن الأسباب التي تؤدي إلى فشل العلاقات الزوجية.



التنمر الزوجي هو شكل من أشكال العنف لا يختلف عن مفهوم التنمر العام والذي غالباً ما يتجاهله الزوجان على اعتقادٍ منهما أنه مجرد خلافات عابرة وتنتهي، دون علمٍ منهما على أن هذه السلوكيات الناجمة عنه قد يتم تخزينها وتتراكم إلى أن تنفجر في وقت لاحق وقد يكون وقتاً غير مناسب ليتحول البيت إلى ساحة معركة طاحنة والنتائج وخيمة.

إن العلاقة الزوجية أساسها الاهتمام والحب والاحترام المتبادل بين الطرفين ولكن لظروف قد يكون عاشها أحد الطرفين ضمن عائلته منذ الصغر إلى أن يكبر ويصبح رب أسرة أو تصبح زوجة، تبقى هناك أسباب مرافقة لهذا الشخص تجعل منه إنساناً عصبياً حادَ الطباع ويحب أن يفرض شخصيته بأسلوب غير لائق مع الطرف الآخر .
ويأتي هذا التنمر والذي هو سلوك مكتسب نتيجة ضغوط نفسية وعدم الثقة بالنفس والإحساس الدائم بعدم الأمان والاستقرار، لذا فالشخص المتنمر يعتبر عديم الثقة بنفسه ويعاني من نقص في شخصيته وينخفض لديه مفهوم احترام الذات.
ويعتبر البعض أن التنمر في الحياة الزوجية بين الشريكين ( الزوج المتنمر/ الزوجة المتنمرة) قد يحدث كنوع من أنواع الحيل الدفاعية المبتكرة بهدف الدفاع عن النفس والخصوصية وإثبات الذات بطريقة خاطئة ليتحول فيما بعد سلوكاً عدائياً يريد كل منهما أن يثبت من خلاله أنه على حق.

لكن في أغلب الأحيان نجد أن الزوج هو من يمارس التنمر على “زوجته” إما عن طريق استخدام الألفاظ القاسية والمهينة للزوجة أو الاعتداء عليها بالضرب أو محاربتها نفسياً، ويكون وراء هذا السلوك أسباب عدة قد يكون أهمها هو تعويض نقص ما يشعر به ربما نتيجة تعرضه لظروف معيشية قاسية عند أهله وملاحظته لمشاكلهم المستمرة وقسوة والده على الأم بدافع أنه هو الرجل ومن حقه ممارسة العنف على الزوجة فتبقى هذه الصورة في ذهن الطفل وعندما يصبح هو زوج يطبق ما كان يفعله والده من سب وشتم وضرب لأمه على زوجته، أو من باب حب السيطرة وإظهار أنه الرقم واحد.
وأحياناً نجد أن السبب هو بدافع الغيرة من هذه الزوجة بسبب تحصيلها العلمي مثلاً، أو استقلالها براتبها ووظيفتها مما يجعله يشعر بالنقص أمامها وهنا يبدأ بالتصرف معها بشكل غير لائق وجارح اتجاهها .

بالطبع نحن لا نحمل الزوج وحده مسؤولية تفاقم مشكلة التنمر في الحياة الزوجية، فهناك أيضاً الزوجة المتنمرة والزوجة التي تختلق المشاكل مع زوجها، وهناك الزوجة “المتسلطة” التي تحاول السيطرة على زوجها وتجريده من مسؤولياته كزوج، والزوجة التي تهمل واجباتها الزوجية ومسؤولياتها الأسرية وترفض الاستجابة للنصائح والتوجيهات، هذه الزوجة تتحمل جزء لابأس به من المشاكل التي قد تحدث داخل إطار الأسرة وعليها بدلاً من كل هذا أن تتحمل المسؤولية مع الرجل وأن تعينه على مواجهة ضغوطات الحياة وليس مضاعفتها.
أما إن كانت تعاني من تنمر الزوج كما أسلفنا سابقاً فهنا يأتي دورها كي تخلص زوجها من هذه الطباع الحادة ومن قسوته واحتوائه بشكل جيد لتحافظ على حياتها الزوجية والأسرية وتسعى لتأمين الهدوء والاستقرار لها ولأطفالها.


