


كي أشعر بالرضا الحقيقي عن ذاتي، وكي أحرز تقدمًا على الصعيد الشخصي، لابد من أن تكون لي وقفة للتمييز ما بين التنمية والنمو. فكلا المفهومان يختلفان من حيث المعنى والأسلوب، بينما في ذات الوقت يتفقان من حيث الهدف في إحراز التقدم والتطور.
فمن خلال مفهوم التنمية بت أؤمن بأنها تسهم في قدرتي على إشباع حاجاتي واهتماماتي في فهم طريقة حياتي، وإدراك الأسلوب المناسب وكيفية التعايش، فإنها تعتبر عملية تعلم مستمرة مع استمرار الوجود على قيد الحياة، فطالما سعيت لتحقيق الرضا والرفاه والحصول على السعادة.
للوهلة الأولى اعتقدت أن القياس بالحجم – كما في مفهوم النمو – يكون مؤشرًا على إحراز قدر من الرخاء والعيش الكريم، كما نفعل بتمثيل بياني لعلاقة ما وبالأرقام، حيث تكون العلاقة في هذا النوع من القياس ذات تناسب طردي، فهذا عمليًا يشبه الدور الذي تقوم به المؤسسات والمنظمات من استثمار لمواردها وطاقاتها هدفًا في تحقيق أعلى مستوى من الإنتاج، فهذا الدور الذي تظهر فيه المنافسة، يوضح أنه كلما توفرت الموارد وزاد حجمها وعددها، وتم استثمارها بفاعلية، فإن قيمة الهدف تزداد بارتفاع النتائج الكمية والمادية.
إنما بعد التأمل حقّا وبدقة في تمييز مفهوم التنمية عن غيره من المفاهيم المرتبطة بالتطور وإحراز التقدم، فإني أدركت بأن للسعادة والرفاه منطق من نوعٍ خاص. يعتمد على ذاتي – الذات الإنسانية – وهو مقدار ما يتسع في داخلي من رغبة ودافعية تجعلني أقبل على الحياة، على أن أستثمر طاقاتي ومهاراتي وما يتوفر لدي من موارد وأدوات، تدفعني نحو التطور، مع مراعاة القيم والأخلاق التي لا تتعدى حدود الآخرين.
فكما أرى أن للسعادة والرفاه منطقًا خاصًا، فإنني أدرك أن هذا المنطق يجب أن يكون متوازنًا في تمثيله، حيث تكون رغبتي في تحقيق إرضاء ذاتي مقننة – موضوعة ضمن قوانين – كي أستطيع الامتثال لها والإلتزام بها.
حيث أنني من نوعية الأفراد التي إذا أطلقت العنان لنفسي بتحقيق غاياتي ورغباتي، دون حدود، ولمساحات بعيدة قد تصل إلى تحقيق غايات ورغبات الآخرين أحيانًا، فإنني قد أتجاوز حدود المنطق والعقلانية، حتى وإن كان ذلك يتمثل في إطار المثالية التي تستهويني، إلا أنني أدرك أنه يصعب تحقيق ذلك.
لذا أعتقد أنه بإمكاني أن أستمتع بالنظر إلى جمالية الجانب المشرق فيها، واستثماره لينسجم مع الحقيقة والواقع، حتى أحقق غاياتي في إحراز التقدم.
