


يصطحب المرء قوة مميزة في قدرته على إدارة ذاته، بسبب وجود الملكات الخاصة به، والمتمثلة في الإدراك الذاتي، والضمير، والخيال، والإرادة المستقلة.. ومن خلالها تسهم في قدرته على الإنجاز والتجسيد الواقعي، واتخاذ القرار وحرية الاختيار، حيث تعتبر الملكة الإنسانية المسماة بالإرادة المستقلة من الملكات التي تجعل الإدارة الذاتية الفعالة ممكنة.
وتتمثل الأخيرة في البدء بالأهم قبل المهم، وتصور معنى الانضباط، التي تعتبر قيمة نابعة من الإرادة المستقلة لدى الأفراد، ممزوجة بالاستقامة والالتزام والقوة في أداء عمل ما، حتى حين لا تتوفر الرغبة لذلك!
وتشرق قيمة قوية متمثلة بإدارة الوقت، والتي تتمحور في التنظيم والعمل ضمن أولويات، حيث تعتبر الأعمال ذات الكفاءة والفاعلية هي ذاتها التي يتم إنجازها في الوقت المناسب.
إن للوقت منظومة خاصة ذات طابع منسق ودقيق، تتركز على درجة أهمية الأعمال والأنشطة، بالإضافة إلى قوتها في أن تكون عاجلة أو غير عاجلة! فكلما كانت الأولويات عالية للنشاط، فإنه يتم تصنيفها على أنها عاجلة وذات أهمية مرتفعة، وعندما تنخفض قوتها في أن تكون عاجلة تصنف على أنها أنشطة هامة لكنها غير عاجلة في الوقت الراهن، وتوجد مهام وأنشطة ذات أهمية منخفضة، لكن تتطلب أن يتم الانتهاء منها بشكل أولّي، كالرد على الاتصال الهاتفي على سبيل المثال! فليس بالضرورة أن يكون الاتصال هام، بالتالي يمكن وصف هذا النشاط بأنه عاجل لكن غير مهم.. أما أخفض درجات المنظومة المرتبطة بالوقت، هي التي تتطلب أنشطة تكون غير هامة نوعاً ما وغير عاجلة، فهذا الاختلاف في الدرجات يكون بسبب الاختلاف في الأولويات التي تكون ضمن اعتبارات الفرد.. فما أراه عاجلا ومهماً بالنسبة لي، قد يراه غيري عاجلاً لكن غير مهم، ويراه آخر غير مهم وغير عاجل على الإطلاق.. وهكذا.
بالتالي يتم التوصل إلى مرحلة اتخاذ القرار المناسب في تحديد أقصى الأولويات التي يجب الابتداء بها، وإنجازها، ثم تواليها الأولويات الأخرى حسب الترتيب المرسوم والمخطط.. مع أخذ الحيطة في عدم طغيان أولوية على أخرى لمجرد أنها عاجلة، حيث أن عملية التوازن في التنظيم والتنفيذ مطلب أساسي لتحقيق الأهداف وإنجازها بفاعلية، فلا مجال هنا لاختلاط الأمور.
ويمكن اتباع بعض المعايير التي تسهم في فاعلية الإنجاز، وتنظيم الأولويات، بوضع الأهم قبل المهم، وتتمثل في التماسك والانسجام بين الأولويات والخطط، وتحقيق التوازن في مختلف الأمور المرتبطة بالفرد، مع تحديد أدواره كعضو في عائلة وفي العمل، وأيضاً العمل حسب فكرة التنظيم الأسبوعي، والتي تسهم إلى حد واسع في تفعيل نظام الأولويات، التي تميزها عن التنظيم اليومي، وأيضًا التفكير ضمن إطار الفاعلية لدى التعامل مع الأفراد، والتي تعتبر إحدى مرتكزات المبادئ الشخصية، وبتوفر المرونة المناسبة عند بناء قائمة الأولويات، وقابلية الانتقالية لها، فإنها تسهم بشكل واضح في تعزيز قيمة وأهمية الأولويات وتحقيق الأهداف المتوخاة منها.
