


(الجزء الأول )

في صباح يومٍ غائم من شهري التاسع ، كان زوجي يجلسُ على الأريكة كأنه والّي يرتدي عباءة رمادية ، بيده مِسبحة و على رأسه الحطة و العقال ، يقول: هذه الفرصة الأخيرة لكِ إن لم يكن صبي قسماً عظماً لأرمي عليكِ يمين الطلاق ، و بيدي أضعها على أبواب الجوامع يكفيني ثمانية ، مصيبتي طامة .
قلت له : هذا قدر الله هل لنا باليد حيلة يا رجل ؟؟ و أنتَ تخاف الله ، ما ذنبي أنا أيضاً منهكه منذ زواجي منك وفي كل سنة أضع مولود جديد ، قاطعني و قال : كلهم إناث أُريد الذكر يا إمراة ، ألم تدركي بعد بأن هم البنات للممات ، ولو أردت أن أبيع نفسي لن أستطيع أن أُطعمهم لوحدي ، أُريد رَجل يحمل عن كاهلي ولو القليل ، سوف أتزوج من بعد هذا البطن إذا كانت أُنثى ، ولا أريدكِ يا أم البنات ، مع من أتحدث؟؟ فعلاً إنكن ناقصات عقل ، أُغربي أُغربي عن وجهي .
كلامه كان قاسياً علي ، فرحت أبكي من حرقة قلبي ، ثم جاءت الإنقباضات من رحمي ، و تعالت صرخاتي و قلت له : يا رجل أظنُ أن الوقت قد حان ، قال : حلت ساعة القدوم يا نجلي الأول يا فرحة عمري يا إياس .
خرج مُسرعاً ينادي بأعلى صوته : والله لأوزع الحلوى والسكاكر في الحي لمدة سبع ليالي و لا ينام ولا يهدء أحد بقدومك يا ولدي ، أما إذا كانت أنثى ، فاللعنة على الجميع .
جاء صوت القابلة تقول: مبروك بنت مثل القمر.
إعتصر وجهي و تمزق قلبي ها هي البنت التاسعة لم تكن صبي ، ماذا أقول لزوجي ؟؟
هل يحق لي أن أرفضها؟؟ ليت القابلة تستطيع أن تأخذها معها ، فما ذنب طفلة بعقوبة سوف تحُلُ على رأسها بلا سبب آآه آآه .
أخذتُ أصرخُ و أقول : لا لا أرجوكِ لا تقولي هذا يا أم مسعود تعلمين ما سيحل بها ، يا ويلي ويا سواد ليلي ، حلت الطامة الكبرى .
قالت القابلة : تمهلي يا إمرأة فأنتِ نفاس و لن ينزل حليبُكِ بالبكاء والصراخ ، تعوذي من الشيطان ، هذه قسمتك و نصيببك من الدنيا ، إحمدي الله غيرُكِ يتمنى الأطفال .
قلت لها : حمداً لله و هل أستطيع أن أقول غير ذلك ، ليست لدي مشكلة قولي هذا لأبيها ، أخاف أن يذهب بلا عودة وما نفع البيت بلا رجل ؟؟
الرجل عامود الدار .
قالت القابلة : زوجك مِسمارُ الدار لا العامود ، هون عليك الله من حمل يهدُ الأكتاف.
قلت لها : لا تقولي أنها بنت أو أو قولي أنها لم تستطع النجاة ، فقط كان الموت وشيك ، سوف يقتلها ولن يدعها تعيش ، هذه قطعة حمراء ماذا أفعل يا الله ؟؟
سمعتُ صُراخ يقول : ها يا أم مسعود بشري ؟؟ بنت أو صبي ؟؟
حل الصمت تماماً و كأن الجميع خُرسان ، توقف الزمان …
هل نُحرمُ من حق الحياة قبل قدومنا ؟؟ ما الذنب الذي إقترفته ليتم الحكم عليها بالإعدام ، فترى اليوم الأخير من حياتها لا الأول.
يتبع …
