


كانت جلستي الأولى منذ أن زجوني بالسجن ، لم أُبصر النور وحيدة في زنزانةٍ صغيرةٍ لم تتسع حتى لجسدي المنهك .
قال الشرطي : تعالي إلى هنا اليوم محاكمتك .
و كأنه شبح لم أسمع صوت أحد فعاود يقول : هيا أيتها اللعينة ، دخل و شدني من يدي و نهضت معه وضع السلاسل في يد واحدة و الأُخرى في يده .
كُنتُ أسير و كأن عقلي مُغيب لا أستطيع التركيز بسبب قلة نومي و كأنه طار من عيوني عندما كنت هناك وحيدة أما الآن أُريد البقاء بمفردي و بشدة .
ركبنا سيارة الشرطة و بعد مدة من الزمن وصلنا للمحكمة مكان كبير و ضخم ، كأنني نقطة في بحر عميق إلى أين يأخذوني ؟
صعدنا الدرج و هناك عند باب كبير وقفنا ، قال الشرطي : عندما يحين دورك تدخلين
هززت رأسي موافقة .
قال الحاجب : ت.م ، جرني الشرطي من يدي مرة أُخرى و لكن هنا دخلنا إلى قاعة كبيرة فيها مجموعة من الرجال و بالأعلى يوجد ثلاثة رجال يتوسطهم شخص ذو وقار و هيبة .
وقفت على منصة خشبية ، و طلب مني الرجل الذي يجلس بالوسط أن أُردد معه كلمات ، قولي : والله لأقول الحق ولا شيء غير الحق .
تسمرت في مكاني : أي حق سوف أقوله و ما هو ؟؟
قال : ت.م هل تسمعين ؟
قلت له : ماذا ؟
قال : رددي معي …
و رددت تلك الكلمات ، أشعر بأنني سوف أسقط في أي لحظة ، قال : أنا القاضي م.ه
و أنتِ موقوفةٌ هنا بتهمةِ قتلِ ابنتك سوزان ذات الخمس أعوام .
فتحت عيوني و كأنني أسمع هذا الكلام للمرة الأولى ، قلت : إبنتي !!! سوزان !!! قتلت !!
أنا القاتلة !! ماذا تقول !! تعوذ من الشيطان أنا إمرأة مؤمنة كيف أقتل إبنتي .
قال القاضي : إلتزمي بالصمت حتى اسمح لكِ بذلك .
قالت : هذا كذب إبنتي الآن مرتاحة في المنزل تنام على سريرها دعني أذهب إليها فهي الآن خائفةٌ لوحدها ، زوجي لن يرحمها ، أرجوك أخرجني من هنا و أعدني إلى منزلي .
قال القاضي : ماذا يعمل زوجك ؟
قالت : يعمل يومٌ و يبقى في المنزل عشرة، فقط يتفنن في ضربي و تعذيبي ، ولكن أنا فقط من أهتم في إبنتي ، الآن هي تبكي أسمع صوتها ، و أخذت تصرخ و سقطت على الأرض .
قال : يا ت.م : هذا لا يجوز قفي مكانك بلا حراك ، وجدنا السكّين على الأرض و عليها بصماتكِ و الطفلةُ على السريرِ في بركةٍ من الدم .
إبنتي؟!! لا لا لا سوزاااان و أخذت تبكي .
قال القاضي : أين زوجها ؟
قال الحاجب : الآن يأتي يا سيدي .
جاء الزوج و هو أيضاً في حالةٍ من اللاوعي ، وقال له: نعم سيدي أنا ت.ط
قال القاضي : هل توافق على أن زوجتكَ هي من قتلك إبنتك ؟
قال : نعم و يجب أن تحاكم هذه الساقطة ، قتلت أجمل شيءٍ في حياتي ، أنا كنت أُريد أن أحميها من العقاب ، و لكن البنت ذهبت لوالدتها ، يا حضرة القاضي نحن مطلقون منذ ثلاث سنوات ، و أنا قلت عندما ينتهي وقت الحضانة آخذ ابنتي و لكن ت.م كانت قاسيةً عليها جداً .
قال القاضي : ألم تشتكي ؟ أو ترفع قضية ؟
قال : نحن لا نملك ثمن المحامي و أتعابه لا يا سيدي لم أشتكي .
القاضي : يبدو أن وضع زوجتك ليس مستقراً هل كانت تأخذ أدوية معينة ؟
قال : لا كانت بصحة جيدة .
قال القاضي : ما سبب الطلاق ؟
قال : هي سيئة العشرة و لا تحتمل الحياة و صعابها ، وضعي على حاله و تريد المال ، زوجةٌ سيئةٌ غير صالحة .
قال القاضي : يجب أن نرى كيف كانت حياة ت.م قبل الحادثة
،يؤجل النطق في الحكم لحين جمع الأدلة و البراهين رُفعت الجلسة .
يتبع …