


إن فهم الآخرين نوع من أنواع الاتصال الفعال معهم، والذي يتطلب التروي والتمهل لتشخيص موقف معين وتفسيره، حتى يسهل الفهم لدينا.. بالتالي ستكون الأمور يسيرة وأكثر وضوحًا.
ضمنيّا توجد مهارة مميزة لدى الأفراد الفعالين في فهم الآخرين، وهذه المهارة متمثلة في الاستماع.. فكلما كانت هذه المهارة متأصلة في شخصي، ومعروفة أنها متواجدة لديّ، بالتالي أصبغ صورة واضحة عن نوعيتي كإنسان، وصفاتي الشخصية وقدرتي على إفهام الآخرين لي، كوني قادرًا على فهمهم والاستماع إليهم.
بالتالي يبدأ رصيد الأحاسيس، والثقة المتبادلة، بالارتفاع، مما يؤدي إلى اتساع دائرة التأثير في الآخرين من خلالي، وأبدأ أمارس قدرتي في التوجيه والنصح، وأكون عندئذ مسموعًا ومقبولًا.
من خلال ذلك.. فإن مهارة أو فن الاستماع له خاصية متفردة أكثر من كونها الاستماع للطرف الآخر.. فهي نوع من الانسجام والسعي من خلال الاستماع للوصول إلى الفهم.. أي الاستماع بنية الفهم، وهو بعينه ما يسمى بالاستماع التعاطفي.. فهو ليس مجرد استماع أو إنصات للتفكير والتدبر في تحديد الإجابة، وليس لإجراء الأحكام أو القياس، إنما هو أداة للفهم والاستيعاب، وفيها يتم استثمار الحواس الأخرى للتفاعل في هذه المهمة، فلغة الجسد وحديث العيون له أعمق التأثير في إسماع الرغبات وإيصال الفهم.
ويعتبر أحد أفضل الوسائل لعلاج وحل موضوع مبهم، فالعلاج لهذا الأمر تغطية لنقص في هذه الحاجة التي تتطلب فهمًا واعترافًا وتقديرًا ومكانةً.. لذا فإن الاستماع التعاطفي المتمثل بالفهم، يعتبر أفضل طريقة واختيار صائب.
مع الأخذ بالحيطة أن لا يخترق هذا الفهم حدود شخصياتنا وقناعاتنا أو يؤثر علينا ويغيرنا، فإن الأمر يتطلب نوعًا من التوازن.
بالمقابل أن لا نجعل اعتقاداتنا واستجاباتنا المرتبطة في سيرتنا الذاتية سببًا في تقييدنا أمام فهم الآخرين لسيرتهم الذاتية وإدراكها.
لذا نتوصل الآن إلى حقيقة مفادها أننا نعيش في تصوراتنا الذهنية والتي نعتنقها ونؤمن بها وندافع عنها، وأننا نسعى جاهدين إلى الاتصال بالأفراد، ونبني العلاقات من خلال التعامل والتعاون وتحقيق المنافع، ويكون ذلك من خلال فهمهم أولًا.
بالتالي عند التوصل إلى فهم عميق لهم، فإنه يتم السعي قدمًا نحو محاولة جادة لأن يسهل فهمهم لنا. ولكي يسهل فهمنا يجب الحرص والمحافظة على قوة رصيدنا في بنك الأحاسيس، وقيم المصداقية الشخصية، والتعاطف والمنطق.
