



جرني الشرطي من يدي و أنا لا ادرك ما حولي لعلني في المرحلة المتوسطة بين النهاية و البداية ، كأن عقلي يحتوي على آلاف الأشخاص بداخله دنيا صاخبة .
عُدت إلى السجن ولكن هذه المرة بشكل مختلف ، غُرفة بيضاء و أسرة مفروشة بفرش أبيض اللون ، من شدته تظن أنك لا ترى الألوان ، جاءت ممرضة مبتسمة و قالت : حمداً لله على سلامتك ، كيف حالك ؟
قلت لها : أين أنا ؟ و لماذا رأسي يؤلمني ؟
قالت : لم تستطيعي النوم فقمنا بإعطائك مسكن يساعدك على النوم بشكل جيد ، لا داعي للقلق فأنتِ الآن بأيدٍ أمينة .
لم أفهم ما قصدها بأيدي أمينة ، لعلها تقصد أنني خرجت من السجن و أستطيع أن أرى طفلتي الصغيرة ، سألتها : ماذا تقصدين ؟ و أين أنا ، هل خرجت من السجن ؟
قالت : لا ليس بعد يجب أن نتأكد من صحتك ثم يكملوا باقي التحقيقات
حدث تشويش من جديد في عقلي ، و أخذ يؤلمني ، لم أستطع أن أُكمل الحديث معها ، رحت أصرخ من شدة الألم ، كأن شخص يتحكم في جسدي بدلاً عني ، سمعته يقول : أنت أنت يا ضعيفة أنا هنا أقوى منكِ غادري هذا الجسد أنا من سوف يتحكم به هل تفهمين و عاد التشويش مرة أُخرى ، أعطتني الممرضة إبرة مسكن أيضاً و رحت في نومي .
فتحت عيوني فكنت أَرى شخصاً يجلس على الأريكة : ينادي تعالي إلى هنا هيا نلعب هههههه تعالي ، هززت رأسي ولم أفهم فعدت له لم يكن في مكانه ، كانت تجلس طفلتي الصغيرة تنادي : أُمي أنا جائعة أين الطعام ؟ أُريد اللحم مع الأرز أو الحلوى التي في الخزانة ، أرجوكِ أطعميني .
حاولت الوقوف و الإبتعاد عن السرير لكن كان جسدي ثقيل للغاية فلم أقدر على الحراك ، أخذت أُنادي تعالي تعالي ماما هنا لا تخافي يا طفلتي الصغيرة و أبكي بحرقة كبيرة ، و غبت عن الوعي مرة أُخرى .
بعد مدة من الزمن إستيقظت و كانت فوق رأسي امرأة علمت فيما بعد أنها طبيبة نفسية تساعد الذين يزورون المستشفى ، تحمل دفتر صغير وقلم .
قالت : مرحباً كيف حالك يا ت.م ؟ وهي مبتسمة
قلت لها : من أنتِ ؟
قالت : صديقة جديدة اسمي الدكتورة د.ي ، أريد أن أتحدث معك قليلاً لو سمحتِ .
إلتزمت الصمت ، كأنني موافقة .
قالت : ت.م هل تتذكرين نحن في أي يوم ؟ و ما هو التاريخ ؟
قلت لها : طبعاً الأحد ، التاريخ إنتظري مممممم 21 من شهر تموز
كتبت في دفترها أشياء ، و قالت الطبيبة : تاريخ اليوم 9 من شهر آذار يا ت.م ،لربما أنتِ مشوشة ؟
قلت لها : نعم في رأسي أصوات كثيرة .
قالت : هل تستطيعي أن تعطيني كأساً من الماء ؟
قلت لها : طبعاً و حاولت الوقوف لكن بلا فائدة كأن عظامي لا تتحرك ولا اتحكم في جسدي .
قالت : لا مشكلة ، ما رأيك أن نتحدث عن حياتك ؟ عائلتك أصدقائك ؟
قلت لها : أريد طفلتي أرجوكِ أعيديها إلي هي الآن وحيدة في المنزل تنادي ، أسمعها أسمعها صوتها يرتفع أكثر فأكثر و رحت أصرخ فلم تستطع أن تكمل الحديث معي وعادت في اليوم التالي .
يتبع ..

جميل جدا