



خرجت من عملي و أنا أشعر بأني أُريد أن أتأمل فقط ، لم أركب الحافلة و إنما عدت للمنزل مشياً على الأقدام ، كان رأسي يؤلمني من يوم مر ببطء شديد ، الشمس أوشكت على المغيب، رحت أنظر إلى السماء و أخذت نفساً عميقاً فلمحت إحدى الشبابيك مشرعة و يخرج منها صوت صراخ أعتقد أن أحدهم يواجه مشكلة صوت المرأة أصبح حاداً و الصوت الأخر أخذ يرتفع بلحظة سكت الجميع ، تابعت سيري و كان هناك شُباك مُضاء مصباحه و خلفه ظل لجسد يجلس على الطاولة لربما كانت فتاة تستعد للاختبار أو رجل عاد من العمل بعد يوم طويل يتناول الطعام .
أما عن النافذة التي بجانبها فكانت منطفئة يبدو أن أصحاب المنزل لم يعودوا بعد من العمل ، وأخر كان يخرج منه صوت بكاء لطفل صغير ، أما الأخير فكان لفتاة جميلة جداً تجلس على الكرسي بجانب النافذة تنتظر أحدهم بشوق أعتقد أنني خمنت من هو سعيد الحظ إنه الحب ، النافذة بداية لقصتهم وها هي تنتظره في المرة التالية ، قلت في جوفي: أتمنى أن يأتي يا عزيزتي ابتسمت و أكملت طريقي .
في الحياة أشياء عجيبة لو استطعنا أن ننتبه إليها لا نتركها أبداً
أُحب مُراقبة من حولي أرى كيف تسير حياتهم و ما أشكالهم ، هل يبدو على وجوههم التعب أم أنهم سُعداء بحياتهم ؟ هل الرجل الكبير بالسن يهتم به أولاده أم هو وحيد بلا سند ولا قوة ؟ هل الحب يبقى إلى الأبد أم أنه يندثر مع أول طفل ؟؟
مر شريط من الأسئلة في عقلي مسرعاً معه ضج ما بجوفي ، فأكملت طريقي بخطى ثقيلة .
كم شخص يقطن خلف هذه الجدران ؟ هل ينام أم يؤرقه ألم أو قلق من حياة مجهولة ، هل الجميع يشعر بسلام ؟ ما حال النساء ؟ هل تخونهم أزواجهم أم هم حمامة السلام لا تحط إلى على منزلها ؟
أؤمن أن النوافذ وجدت لتخرج السموم من المنازل و تجدد الهواء السام الذي كان في المساء ، فما أجمل الصباح بنوافذ مفتوحة .
دنيا مليئة بكل هذه الأحداث و وحدة الله هو الذي يسمع مناجاة هذا و صراخ ذاك ، ألم ، فرح ،جوع ، فقر، خوف و ثراء هكذا تدور عجلة الحياة .
فجأة وجدت نفسي أقف أمام الباب وصلت دون أن أشعر بخطوات أقدامي .
لكل منزل نافذة و لكل نافذة حكاية مختلفة ، همومنا تتسع لقلوبنا و تحتملها أجسادنا .
دخلت المنزل و أغلقت الباب ، و ذهبت إلى نافذتي ..
