
الإعلام الإنساني



إن الحرية باهظة الثمن ، فالكثير منا لا يعرف قيمتها إلا حين يفقدها
في مساء يوم الجمعة و بعد صلاة العشاء قامت تسنيم من على سجادة الصلاة و أخذت تناجي الله لعل الفرج يأتي و الوقت يمضي بسرعة، مسحت دموعها و غادرت الغرفة و كانت عائلتها تجلس في الصالة ، قال الأب بنبرة فيها قسوة ، ألم يأتي خبر من زوجك المنبوذ ؟؟
قلت له : ليس بعد يا والدي فأنا كما تعلم أكملت السنة و هو غائب ولم يعد بعد .
قال الأب : أنا لا أفهم شيء لماذا هاجر من دون أن يقول شيئاً ، هكذا في ليلة و ضحاها طار الرجل ؟؟
كأنه إبرةٌ إختفت بكومه قش ، و أهله لا أحد منهم يسأل عنك ؟ ما هذه العائلة ، ليتني لم أُزوجكِ له فإن إبن عمكِ يتمنى ظفركِ ولكنك قلتي لا أتزوج من العائلة ، كيف لنا أن نثق برجل غريب لا يشبه عاداتنا ولا يقربنا بصله ؟؟
قلت له : أبي إن الوقت قد فات عن هذا الكلام الآن أنا فقط أُريد حريتي فقد نفذ صبري ، أرجوك لا تقلب أوجاع صدري فلم يعد لدي حيله.
هزت والدتها رأسها و قالت : يا لحظكِ التعيس يا مهجة قلبي ، كنتِ شمعةً تضيئ البيت و زواجك لم يدم الأشهر ، لم يهنيكِ إبن شهيرة ، عائلة مفككة ولا يوجد فيها خوف على الأخرين .
ركض أخوها يقول : أمي أمي جاءت خالتي كفاح ، دخلت الخاله وهي تقول : السلام عليكم كيف الحال ؟ كل عام و أنتم بخير كيف مضى عيدكم ؟
قالت والدة تسنيم : أهلاً بك يا كفاح تفضلي تفضلي ، الحمد لله مر العيد ككل عيد
إلتفتت الخالة إلى تسنيم و قالت : حبيبتي أنتِ هنا كلما أراكِ أشعر بألم يعتصرني في جوفي و قلبي ، ما هذا الحظ التعيس الذي لك ، والله ابنتي سلمى اللهم إحفظها سعيدة جداً في زواجها فأنا من إخترت لها العريس ويوم كتب الكتاب عندما طلب يدها ، عمت السعادة في دارنا أما أنت فعندما طلب يدك أخذك للمجهول بلا عودة ولا سابق إنذار
قالت تسنيم : الحمد لله على كل حال ، فالله يعلم بالغيب وحدة وهذه أقدرانا يا خالتي ، عُذراً أريد أن أنام ، تصبحون على خير .
غادرت تسنيم و بدأت الأختين يتهامسون ، فنزلت دموعٌ بلا أنين على خد تسنيم فأسرعت بالذهاب
وصلت غرفتها ، هنا فقط تشعر بالسلام و كأن أيديها مطلقة إلى العنان نظرك تسنيم بصمت إلى يديها وقالت لماذا الحرية مرتبطة بالأيدي أوليس صعب علينا أن نتحرك عندما تكون يدينا مُربطه ، حقاً نعم صدق من قال بأن الحرية مقترنه بأول جزء يشعر بالإنطلاق كأنه يحلق عالياً بعد أن كانت مربوطة .
فزادت دعوة جديدة إلى دعواتها المعتادة : اللهم اجلعني محررة الأيدي أطير عالياً في السماء كما تطير العصافير في الأفق و خلصني من هذا السجن .
خلدت تسنيم إلى النوم و هي مطمئنة بأن لها سند سوف يحيمها ويخلصها من ظلم البشر ، هو رب هذا الكون .
