الإعلام الإنسانيالإعلام الإنساني
بقلم: فاطمة حرزالله

إن كل ما نمر به و نعيشه، من ذكريات تبقى عالقة في جوفنا في صندوق اسود، تخرج بشكل لا ارادي  

لا يتركنا ابداً مهما يمضي من وقت تتراكم باقي الأحداث على الجرح المؤلم فتتحول من ذكريات إلى عقد نفسية تلازمنا طوال حياتنا تماماً كظلنا يتبعنا في كل مكان .

الكثير من الأمراض التي تحل علينا ٩٠% منها هي عبارة عن أمراض نفسية ، لو أننا نحل المشكلات منذ البداية ولا نلجأ إلى الكبت و التراكم الذي يقودنا بالنهاية إلى طريق مسدود مليء بالحقد و الكره فنعيش بقية حياتنا كطائرٍ مقصوص الأجنحة ، يحلم بمستقبل جميل ولكن يعود اسوء من قبل ، كان لنا جارة لا تخرج الا قليلا من المنزل تعيش مع والدتها العجوز ولم يأتِ نصيبها بعد ، كنت انظر إليها من النافذة كل يوم و يبقى مصباح الغرفة مضيئاً إلى الفجر ثم تنام ، لم تتحدث مع أحدهم كنت عندما أراها تخرج لتشتري من البقالة اقول لها صباح الخير ، فترد علي صباح النور

و تمشي دون أن تتفوه بأي كلمه ، فقد كانت تخبئ في جوفها سر لم يعلم به أحد ، مرت الأيام و توفيت والدتها و أصبحت تعيش بمفردها ولا تخرج من المنزل ، كنت اشفق عليها فشبابها ذهب داخل هذا المنزل دون أن تقوم في عمل شيء لها

في يوم من الأيام تمالكت نفسي و خرجت من منزلي و طرقت الباب فخرجت بعد طول انتظار قالت: من هناك ؟

قلت لها : أنا جارتكم التي تعيش في المنزل المجاور هل استطيع أن أدخل عندك أُريد أن اطمئن عليكِ

قالت : أنا لا يتحدث معي أحد فلماذا تريدين ذلك

قلت لها : سوف نبقى على الباب هكذا

قالت : وهي مترددة، اممممم تفضلي

كان البيت مليء بالاثاث الكبير و أعتقد أنها لم تنظفه منذ زمن طويل و النوافذ مغلقه الا نافذة واحده مفتوحه قليلاً

قلت لها ما قصتك انتِ جميلة و يبدو عليكِ الذكاء و الحكمة ما حل بك ؟

قالت قصتي طويلة و ليس لها نهاية …

مررت فب اوقات صعبة فلم يكن لي أصدقاء و أبي كان يضرب امي باستمرار و خرجت من المدرسة في عمر صغير و كنت أعمل في مكتبة قريبة من المنزل عندما كان عمري ١٩ عاماً ، كان يأتي زائد إلى المكتبة كل يوم اسمه مسعود يحب القراءة كثيراً كان يسألني ما رأيك في هذه الرواية و لكنني لم أكن من عشاق الكتب و لا الروايات .

كنت أخجل من نفسي فقررت أن ابدأ في القراءة و من ثم أصبحنا نجلس بعد انتهاء دوامي لمده نصف ساعه لمناقشة الرواية و من ثم امتد الوقت ليصبح ساعه و ساعتين ولم نشعر بالوقت سوياً ، كان جميل جداً رقيق و عذب شعرت معه بأن ذكرياتي المؤلمة قد مسحت ، أحببته كثيراً و كنت أحلم به بالليل حتى يحين الصباح و أراه و لكن الحياة لا تعطينا ما نريد دائماً ، فلم يعد يأتي إلى المكتبة و انقطعت أخباره و معه انكسر قلبي و لم يأتي أحد يصلح هذه الفجوة الكبيرة مرت حياتي و أنا أذهب للمكتبة على أمل أن أراه  بعدها قرر صاحب المكتبة أن يغلقها و عدت مرة أُخرى للمنزل المليء بالذكريات السوداء

الحمد لله على كل حال ، لهذا لا تلوميني اذا لم أكن افتح باب منزلي لأحد .

خرجت من منزلها و في عقلي أفكار مشوشه : لكل بيت يحمل ذكريات و كل شخص يحمل حياة خفية بداخله فلا تحكم على أحد قبل أن تعرف بما مر و كن رقيقاً لأننا لا نعرف بماذا يمر الأشخاص .  


اكتشاف المزيد من News-human media

اشترك للحصول على أحدث التدوينات في بريدك الإلكتروني.

By الإعلام الإنساني

الإعلام الإنساني... الواقع كما هو💬✍️

اترك رد

اكتشاف المزيد من News-human media

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading