أريج النابلسي

نحن من جماعة الخبز أولاً … ويا فرعون مين فرعنك

واختلط الحابل بالنابل، مقالنا اليوم مبنيٌ أيضاً كباقي مقالاتنا السابقة على أحداثٍ ومشاهداتٍ حقيقية وكما نقول في كل مرة – لا نعمم ـ ولكن هذا هو الواقع ولا مفر منه.

سعداء جداً نحن بتلك الصورة الراقية التي بإمكاننا أن نضعها في إطار الخير والعمل الصالح ومراعاة الناس ومتابعة شؤون الأقل حظاً والمحتاجين وعفيفي النفس، فنحن في أحوج ما يكون لإزالة ملامح الحزن والأوجاع التي رسمتها ضيق المعيشة على وجوه من يبحثون عن العيش الكريم ويستحقون أن نمد لهم يد العون.

لذا سنتحدث عن جمعياتنا الخيرية المنتشرة في كل بقاع المعمورة ونكاد من أعدادها الكبيرة نتعثر بها أثناء مسيرنا، ولكن السؤال المطروح هنا هل حقاً جمعياتنا تقوم بعملها كما يجب أم أن هناك حقيقة أو بالأحرى لعبة غامضة لا نعرف قواعدها ومن عرفها قد يتفاعل معها وربما قد يتغاضى عنها ويأخذ بمقولة ” اللي بيجيك منه الريح سده واستريح “ لأن ملاحقة باب المتاعب ومواجهته  مشكلة بحد ذاته وهو في غنى عنه، وهناك من يقف في مهب الريح ليلاحق الخطأ أو بمعنى أدق ” النصب والاحتيال “ فيجد أن اللعب هناك على أصوله وهو مجرد دمية لا حول لها ولا قوة وإما أن يقع ولا أحد سَمّى عليه وإما أن يغادر مجبوراً مقهوراً دون أن يتفوه ببنت كلمة، وهناك من يستطيع فعلاً أن يُحْدِثَ التغيير ويجد النتائج المُرضية، إذاً الناس مختلفة في رَدّاتِ  فعلها ومدى قبولها للأمور أو رفضها.

إن الأصل في وجود الجمعيات الخيرية أن تكون صِمام الأمان والركيزة الداعمة لأمان الدولة وشريكاً حيوياً لها لا عبئاً عليها.

والمتتبع لممارسات ما نسميه بالجمعيات الخيرية يجد في تصرفاتها فكاهة لا ندري هل نضحك منها فعلاً أم نبكي على واقع الحال؟

وبحسب كافة المعايير التي تُنادي بها جمعياتنا الخيرية نجدهم يرفعون راياتهم وشعاراتهم باسم الأجر والثواب وباسم الإنسانية وباسم لقمة العيش وباسم مساعدة الفقراء والمحتاجين وباسم الخير وباسم …وباسم … وباسم …. ، هذا الظاهر ولكن الباطن والمخفي أعظم.

لن نتحدث اليوم عن الجمعيات النشطة والتي تقوم بعملها على أكمل وجه ونجدها تسعى جاهدة لإيصال الخير لمستحقيه لأن هذا الأمر هو الواجب أن نراه ونسمع عنه ونتلمس نتائجه، فهناك جمعيات بحق رائدة في مجال العمل الخيري الإنساني، تقوم برسالتها وتساهم بفعالية في تحسين ظروف المحتاجين وتحقيق التنمية الشاملة وتوفر البيئة السليمة لهم وسبل الحياة الكريمة، لذا فمثل هذه الجهات تُشكر هي والقائمون عليها وكما نقول بالعامية ” إن خليت بليت “.

حديثنا اليوم عن جمعيات نحسبها موجودة وهي في واقع الأمر حبرٌ على ورق، لا أساس لها ” جمعيات الشنطة “ وهمية وكل ما في الأمر أنها عبارة عن عمليات نصب واحتيال وتسهيل مهام للقائمين عليها لكي يصل كل واحدٍ منهم لمبتغاه وأنتم أدرى مني بمثل هذه الأمور، فكم مرة سمعنا عن صاحب جمعية ـ  الله أعلم ما هي ـ أصبح في عداد المسؤولين وأصحاب المناصب وفجأة أصبح من أصحاب رؤوس الأموال، وربما أصبح من أهل العلم والدين وكله تحت عنوان ( جمع التبرعات للفقراء والمحتاجين )؟!

فكم مرة سمعنا عن أهل الخير من الأغنياء الذين يحاولون الوصول لمن يستحق تبرعاتهم وعن طريق أمثال هذه الجمعيات وما وصلت تبرعاتهم أو زكاة أموالهم لمستحقيها، أي نعم مؤكدٌ أنهم أخذوا الأجر والثواب من الله عزوجل وخاصة من كان عمله خالصاً لوجه الله تعالى، ولكن من يُخبرهم أنهم وقعوا في شباك النصب والاحتيال ولم تصل الأمانة لأصحابها؟!

وكم مرةٍ سمعنا عن أصحاب اللاذمة واللاضمير والذين يتقاضون من تحت الطاولة لتسهيل مهام هكذا جمعيات عن طريق التراخيص وتوقيع الأوراق والتغاضي عن المخالفات والأمور الغير قانونية؟

وكم مرة سمعنا عن أبواب تُطرق ولا يستجيب أصحابها، وعن أبواب تُغلق في وجه قاصديها؟

وكم مرة سمعنا عن تبرعات ومساعدات خارجية ذهبت لجيوب آخذيها ولم يصل منها سوى أقل من القليل لمستحقيها ؟!

طبعاً بعضه بالخفاء أو ما نسميه وراء الكواليس “لا مين شاف ولا مين دري”، والبعض الآخر واضح وضوح الشمس “على عينك يا تاجر” “واللي استحوا ماتوا”.

والداهية الكُبرى أن معظم من يمسك زمام الأمور في هذه الجمعيات الوهمية أشخاص لا يملكون الخبرة أصلاً في إدارتها ولا إدارة الأموال ولا حتى احتواء الأزمات التي قد تحدث.

وباعتقادي ورأي الشخصي أننا يجب أن نضع النقاط على الحروف وأن لا نقف صامتين وأن نعرف الصواب من الخطأ وأن نفهم بالضبط ما يدور حولنا وندقق جيداً بالمشهد لنعرف أن ما من ظاهرة سلبية انتشرت وتفشت إلا كنا سبباً فيها، فتغاضينا عن الخطأ سبب ووقوفنا صامتين سبب وتقبلنا للنصب والاحتيال سبب وعدم اتخاذ الجهات الرسمية أي ردة فعل أو أي إجراء أيضاً سبب عاديك عن المخفي.

المهم، على المواطن أن يكون مُلماً بواقعه أكثر وأن يعرف كيف يتصرف ويوقف الخطأ وعلى الجهات الرسمية أن تُفَعّل القانون الرادع بشكلً أفضل، عسى وعل للأمور أن تستقيم.

ويبقى السؤال المطروح ما هي محددات اختيار الجمعية الحقيقية من غيرها الوهمي؟

سؤال يراود المتتبع لأعمال الجمعيات ومن يرصد تحركاتها، لنميز الجمعيات الحقيقية من جمعيات الشنطة.

“وقالوله يا فرعون مين فرعنك .. قلهم ما لقيت حدا يردني”


اكتشاف المزيد من News-human media

اشترك للحصول على أحدث التدوينات في بريدك الإلكتروني.

By الإعلام الإنساني

الإعلام الإنساني... الواقع كما هو💬✍️

اترك رد

اكتشاف المزيد من News-human media

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading