
عـا لوعد يا كمون وبكرة أكيد بتهون


ما يُهَوّن علينا الأمر أن “الموت مع الكترة سترة”
كل منا يسعى منذ نعومة أظفاره إلى شق طريق حياته ويعمل جاهداً لصنع المستحيل لكي يصل إلى مبتغاه، وهذا شيء طبيعي وفطرة إنسانية لا نستطيع أن نخالفها أبداً، ولكن ما يحدث في الشارع العام يجعلك تقف برهةً لتعيد النظر في نمط تفكيرك ومسير حياتك والذي هو على المِحَك فإما أن تسير بشكلٍ طبيعي ولكن خطواتك بطيئة نوعاً ما وإما أن يلعب الحظ لعبته معك وتكون أمورك عال العال وإما أن تسمع التالي : يا سلام شكلك مسنود و وراك ظهر مين اللي وراك؟ وعلى الغالب أصبح المعظم يتمنى أن يسمع هذا حتى يرد قائلاً: ” جايك من طرف فلان “
اليوم في مقالنا وكالعادة ـ لا نُعمم ـ لن نتحدث عن الضمير الحي وأصحابه ولا عن المثاليات وماذا يجب أن يكون وما لا يكون ولا أين أصبحنا من بين المجتمعات ولا عن أين كنا وأين صرنا، بل سنتناول فئة تفشت في أغلب المجتمعات، وثقافة وسلوك مرفوض للأسف بات طبيعياً وعادياً، وله طنة تُطرب الآذان ورنة يشتهي سماعها كل باحثٍ عن عملٍ أو وظيفةٍ أو لقمة عيش وما عادت المُثل والقيم تعني شيئاً في هكذا مواقف، فالمنتصر اليوم من يمتلك تلك العصا السحرية التي ستلبي له طلباته واحتياجاته، فالكفاءة لا مكان لها والجد والتعب في الحصول على شيء لا يفيد، المفيد أنك ابن من؟ وأصلك وفصلك والأهم من كل هذا من تعرف؟ يعني من هو صاحب تلك العصا الخفي والذي يعمل ربما بالخفاء وربما علناً دون أي حساب لا لقوانين ولا لنظم ولا لتعليمات؟!.
وبات أن ترى مجموعة من الأشخاص فوق القانون أمراً عادياً، وأصبح مشهد الانحدار في مستوى الإنجاز والتقدم في أغلب المؤسسات والجهات سواء كانت الرسمية أو غير الرسمية واضحاً جداً أمام الجميع، وأن ترى صاحب العلم الكفؤ تترامى شهاداته على جنبات الطريق لعدم أهميتها أمراً جداً عادي، وأن تسمع عن صاحب الكفاءة حتى لو لم يمتلك درجة علمية عالية معلقة أموره على الهامش إلى إشعارٍ آخر أمراً مُعتاداً أيضاً، إلا إن لعب الحظ لعبته معهم كما يلعب مع أصدقاءنا من أبناء الحسب والنسب أو من أبناء المعارف وأبناء الأقرب فالأقرب وربما من يستطيع التسلل إلى اللامشروع ليصل، وكله تحت مُسمى “الواسطة”… “ويا بخت مين كان النقيب خاله”.
أصبحت الحجج الواهية والتي يتغطون بها كثيرة لا تُعد ولا تُحصى ومثلهم الذي يحتذون به هو ” اللي ماله كبير يشتري كبير “ وخسارة أنهم ما عرفوا المقصد منه وعلى ماذا يدل هذا القول.
خسارة أن بلادنا رغم كل الكفاءات التي فيها تُعاني من نقص الجودة ونقص المخرجات المهنية والعملية، وخسارة أنه رغم العقول الواعية والمفكرة إلاّ أن مرض ” المحسوبية و الواسطة “ ينهشنا، وخسارة تجعلنا نضرب الكف بالكف على هُتافاتٍ تُنادي بالشفافية والمصداقية ظاهراً وهي في واقع الحال فساد يأكل بعضه بعضاً، وهذا لا يخفى علينا فنحن نرى ونسمع ونحن من يغض الطرف في ذات الوقت، ونحن من ينادي بالشخص المناسب في المكان المناسب ونحن أيضاً من يشد على الأيادي عندما يكون اللامناسب في المكان نفسه.
أي تناقض هذا الذي نعيشه ؟!
دراسات وأبحاث ومؤتمرات ولقاءات لدعم الشباب ومحاربة البطالة وإنعاش البلاد بالأفكار والإبداع والقائمون على كل هذا إن جئتهم طالباً المساعدة في حقك المشروع لأنك تمتلك الشهادات المطلوبة والخبرات التي ما جاءت عبثاً عاديك عن الورش والدورات التدريبية التي أخذتها والمهنية التي تمتلكها والفعاليات والنشاطات التي قمت بها والامتحانات التي اجتزتها وبجدارة لتنال وتحصل على مهنتك و وظيفتك التي تستحق، قابلوك بوعودهم الكاذبة وبكلامهم المعسول ليخدروك ولتنصاع لتلك الأوهام والآمال وتعيش أيامك القادمة على أمل أن يكون لك نصيباً مما قالوا وتستطيع أن تقتسم الكعكة معهم ولو لقمةً صغيرة وتحصل على مكانك الصحيح في العمل لتجد أن غيرك أخذ دورك وأخذ مكانك وأنت مازلت ” عالوعد يا كمون “، وستمضي السنون وأنت في محطة انتظارك وقد تُصيب معك وقد لا تفعل وربما تأخذ حظك خارجاً ليكون نصيبك في الخارج أفضل وتجد من يقدر مؤهلاتك وقدراتك وعلمك الذي تعبت لتحصل عليه، وحينها أيضاً ربما تستمر في حياتك الجديدة دون أن يذكرك أحد أو ربما تبني نفسك ومستقبلك وتصنع ذاتك وممتلكاتك الخاصة وحينها سيشار لك بالبنان ويُقال هذا هو ابن بلدي .
ابن بلدك من؟! الذي عاش معك وعلى وعدك له ليحصل على أقل ما يمكن دونما محسوبية أو واسطة ودونما الحصول على فيتامين “و”!
في نهاية الأمرالعيب ليس في البلد وإنما في الفاسد الذي يتغنى في حب البلد وهو عنه بعيد و في من يَشُد على يده، وعتبي على البلد أن سمحت لأمثالهم بالتفشي دونما رقيب أو حسيب، وليتنا نقف بجانب بعضاً بعضاً لفرض العدالة على الجميع والمساواة وتكافؤ الفرص دون تدخل الوسطاء.
