
بريشة: نور أبو هنطش


بنسمع دايمًا( يال الصُّدف) شو هل الصّدفة الحلوة.. أو ال مو حلوة😅.. التقينا صُدفة، صار الشي صُدفة…
هل يُعقل أن تكونَ أحداثُ حياتنا صُدفة، أم أنّها أقدار مقدّرة.. ؟!! هل يُمكن أن نلتقي بأشخاص لمجرّد الصّدفة ، أم أنَّ هناك ما هو أعظم من مجرّد كلمة تُقال لا نلقي لها بالًا..؟؟!
هل شعرت يومًا أنك تُفكر في أمر ما أو شخصٍ ما و بعد فترة قصيرة حدث الأمر الذي فكرّت به.. أو التقيت بمن كنت تفكرّ به..؟؟!
كثُر الحديث مؤخرًّا عن تأثير الأفكار الذّي يوازي إنْ لم يكنْ أقوى تأثير الكلمات علينا..
تُرى هل للأفكار التي نُعلنها أو نكْبِتُها داخلنا قوّة تأثير على واقع حياتنا و أحداثها.. و ماذا لو كانت سلبية أو إيجابية الفكرة هي من تدير زمام سيرنا في هذه الحياة..فنكون نحن من جذبنا الأحداث إلينا بكل ما نملك من أفكار و تجارب و اعتقادات و محاولات و ممارسات.. فكانت النتائج ما هي إلّا نتاج لكل ذلك.. و كأننا كنّا بكُّل رحلتنا في هذه الحياة نقود أنفسنا من غير علم أنّنا نقودها بالتحديد الى ما آمنت به، و أيقنت معتقدةً أنّه سيتحّقق..
إذن هل من الممكن أن تكون الصّدفة ما هي إلّا شعور داخلي قوي مُسْتمر و متكرّر يطغى على تفكيرنا فيتملّكنا ليُترْجم إلى نداءات حيّة نجذب فيها الأحداث ..
يال الهوْل!!!! 😥😨 و ماذا إن كانت المشاعر و الأفكار سوداويّة و قاتمة !! هل ستتحقّق واقعًا.. فنكون حينها نحن من نُدمِّر ذواتنا ..
إذن هل نحن بجهلنا و سوء ظنِّنا و بشاعة مشاعرنا، نُنَميّ وحشًا ينتظرنا و يستدرجنا إلى كهفه العميق المُظلم دون علمنا..
تُرى!! ماذا لو اسْتَبْدَلْنا كلَّ تلك المشاعر بعدم الأمان و الخوف و السّخط و التّشاؤم و سوء الظّن و الغيرة و المقارنة و القُبح ،إلى مشاعر الطمأنينة و الرّضا و التّفاؤل و حسن الظّن و القناعة و الجمال..
هل حينها سيتغيّر الحال و تحدث فعلًا الأمور التي آمنت بها و اعتقدّتها و صدّقتها؟؟! .. و لو تأخّرت و تعثّرت قليلًا .. هل ستتراجع عن هذه الأفكار، التي تحيا داخلك مؤمنة ثابتة قوية، صادحة بصوت يتردّد صداه بقلبك و عقلك ،، حيّة ما دمت حيّا .. فتصبح حينها مؤمناً بجوهر و فحوى العبارة المجازية الشهيرة في الحكايات و الأساطير ( بالإيمان يمكنك أن تحرّك الجبال ). ؟؟!
أم انّها مجرد أوهام !! و ما هو إلّا العمل الجادّ الشّاق، و الصّبر و التحدي، و التّخطيط و الإعداد المسبق ،و التَّأْهيل و الخبرة من يوصلنا الى مبتغانا..
أم أّنه رغم كل ما نصنع و نرغب لنْ يتحققَ إلّا ما هو معدّ له أنْ يحدث.. و كأننا نسير في نفقٍ مغلقٍ من جميع الإتّجاهات ، و لا نرى إلّا النّور الضّئيل
المنبعث من الخارج ليرشدنا الى الطريق، و يقودنا للسّير و المضي نحوه بسرعة و من دون توقف ،دون أن نلحظ أنّه كان بين ثنايا النّفق ، فتحات صغيرة مشعة بنورٍ دافئٍ جميلٍ بهي برّاق ، لكنّنا لسرعتنا و استعجالنا لم ننتبه له ، أو رأيناه و تجاهلناه لنكملَ السِّباق الى خط النهاية غير آبهين الى تغيير وجهتنا أو تجربة شيئ جديد مختلف عمّا نحن معتادين عليه.
و بذلك كنّا دائمًا نُلْقي اللّوم على القدر الذّي وضعنا في مكان أو مع أشخاص ما ، بحجّة أنَّ هناك أمور فعلًا لا مفرَّ منها و ستحصل رغم كل محاولاتنا بتغييرها … و غفلنا أنَّ الخيارات كانت دائمًا متاحة أمامنا لكننا لمْ نفكّر في استخدامها .. فبقينا نندبُ حظّنا..
هناك آراء متعدّدة و مختلفة حول هذه الأمور.. هناك من يعتقد أنَّ كل مجرى حياته قدر لا مفر منه فيتنحّى مستسلمًا لفكرة أن هذا هو الواقع الذي لا يملك تغْييره.
و هناك من يعْتقد أنَّ الصّدفة أو الحظ هي من تُسيّر أموره ،و لا شيئ مرتّب أو معدّ لحدوثه ..
و هناك من يعتقد أن هناك أمور لا نملكُ السّيطرة على حدوثها ، فهي تحدث لأنّها فعلًا أقدار، منْ يملكها هو الله وحده، و هو القادر وحده على تغييرها بمشيئته، كما ذلك، هنالك أمور أخرى يمكننا السّيطرة عليها و تغييرها، لأن الله الخالق العظيم الوهّاب منحنا العقل الذي نستطيع التمييز به دونًا عن باقي الكائنات ، و منحنا حق الإختيار في مناحي الحياة المتنوعة وفق تجاربنا و آرائنا و اعتقاداتنا و مبدائنا و قيمنا و رؤيتنا الخاصة و شخصياتنا المتنوعة ..
لكن ما يميز الشُّعوب عن بعضها في ذلك .. هي الخلفية الدينية و المعتقد و المجتمع و البيئة و الحرية الفكرية و …أمور اخرى كثيرة ..
لكنّني و مع كل هذه الاختلافات وجدت أنَّ الشّعب الذي لا يملك مرجعًا ليتحكّم بمدى صحّة ما يصنع أو ليتحكّم ببوصلة مسيره و إلى أين سيوصله .. سيتوه و يتعثّر و يتأخّر، و ربّما سيَهْلك و يتدمّر ، مهما علا و تطاول و طغى و ظلم، و مهما طال الزّمن أو قصر .
قالوا و كتبوا و درسوا الكثير حول الصّدفة و الأقدار . منهم من آمن بكلاهما و قال أن كلاهما وجهان لعملة واحدة ، وجه مرئي و جَلَيْ و نميّزه ووجه غيْبي خفي و غير مرئي و ضبابي و لا نميّزه، و لا حتى نعينه و لا نملكُه.. و منهم من اختار الإنحياز إلى إحْداهما و كذّب بوجود الأخرى ..
(منهم من فسّروا القدر على أنه صدفة محتّمة حدثت لأنها كانت معدّة أن تحدث بتوقيت ما.. )
و أنت عزيزي القارئ/ القارئة بماذا تؤمن ؟؟! .. حاولت الكتابة بتجّرد و دون انحياز لفكر او رأي لأترك لحضراتكم التفكّر و التّدبر بهذا العلم الغيبي لتصلوا الى النتيجة بأنفسكم ..و التي آمل و أدعو لي و لكم أن تكونوا فعلًا أيقنتموها..
