
بريشة: نور أبو هنطش


سأبدأ بسم الله أولا ،مبتدئةً بآيةٍ وردت بكتاب الله ،بالقرآن الكريم أن:
قال سبحانه: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم:42-43]
و في الحديث الشريف في رواية أنس بن مالك عن رسول الله صلّى الله عليه و سلم أنه قال :((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ))
و بقول أعجبني لإبراهيم بن نصر الكرماني: (إنَّ القرمطي دخل مكة، وقتل فيها، وفعل، وصنع، وقد كثر الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟ فقال: لأن فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟ فقلت: وما هنَّ؟ قال: أوَّلهنَّ: أقرُّوا بالله وتركوا أمره، والثاني: قالوا: نحبُّ الرَّسول، ولم يتبعوا سنته، والثالث: قرؤوا القرآن ولم يعملوا به، والرابع: قالوا: نحبُّ الجنَّة، وتركوا طريقها، والخامس: قالوا: نكره النَّار، وزاحموا طريقها، والسادس: قالوا: إنَّ إبليس عدُّونا، فوافقوه، والسابع: دفنوا أمواتهم فلم يعتبروا، والثَّامن: اشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم، والتَّاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب، والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور)
لقد حذّر الله تعالى من أمور و صفات عديدة يبغُضها سبحانه منها ( الظلم ، البخل و الكِبْر ، الحسد ، ….) و تحدث عنها في عدة مواضع في القرآن الكريم .. و أنذر من عواقبها في الدنيا و الآخرة..
أتطرّق الى موضوع الظلم لما استوجب من كره الله له ،لما له من مفسدة و أذىً أثره كبير و ممتد ، و لقد أنذر الله تعالى من سوء عاقبة من ظلم و من عاونه و نصره..
و صور الظلم متعددة و لقد تحدث العلماء و الفقهاء عنه و فصّلوا في شرحه..
أذكر باختصار:
١-ظلم العبد نفسه( أعظمه الشرك بالله، و التعدي على حدود الله، و الصّد عن مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ،و كتم الشّهادة ، الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها، الكذب على الله بتحريم ما لم يحرم و تحليل ما لم يحل.
٢- ظلم العباد بعضهم لبعض( الظلم القولي: بالغيبة و النميمة و الاحتقار و الاستهزاء و الشتم و نحوها..، الظلم الفعلي: القتل بغير حق، الظلم الواقع على المسلمين بسبب تمسكهم بدينهم، أخد أرض الغير أو شيئ منها، الظلم الواقع في الأسر كظلم الأولاد و الأزواج لبعضهم وظلم البنات ، ظلم أصحاب الولايات والمناصب ، أكل مال الغير بغير حق: أكل أموال الناس بالباطل كاليتامى، أكل أموال الضّعفاء،الرّبا، الرّشوة، الغش في المعاملات ، الميسر ، الغلول أي كتم الغنيمة.
كما ذلك ،هناك أنواع ٌو صورٌ أخرى متعددّة للظّلم لا يشار لها كثيرا رُغم أهميّتها ألا و منها: ظلم المجتمع لأفراده، ظلم المغترب في غربته، ظلم ذوي الاحتياجات الخاصة و أصحاب الهمم، ظلم المعلّمين طلابهم، ظلم الأخوة بعضهم بعضًا ،ظلم من نوع مُستحدث خطير و مستمر هو ظلم السوشل ميديا، ظلم الإعلام و المتحكمين به، ظلم الإنسان للمخلوقات و الكائنات و الأراضي و البحار و الإعتداء الجائر على البيئة..آه ما هذا الذي يحدث و إلى أين المسير ، الكثير الكثير من صور للظّلم لا حصر لها و إلى الله المصير .
ترى من منا لم يتعرّض للظلم بأي طريقة و أي نوع.. ؟!
السؤال المهم.. هل فكرّنا و تفكرّنا أننا من الممكن أن نكون نحن الظالمين في كثير من الأحيان و نحن لا نعي ذلك
نعم،، قد نكون فعلًا الظالمين ..
عندما نسمح أن يقع الظلم من حولنا و نحن قادرين على قول كلمة حق أو تغيير حال..
عندما نملك القّوة و القدرة على منع الظّلم بأيِّ طريقة كانت ، بقولٍ أو فعل أو فكرة أو نصيحة أو لفتةٍ، أو برفضٍ أو حتّى استنكار…
عندما نتخلّى عن أدوارنا الإنسانية بمناحي الحياة المتنوعة من حولنا ، فنرى الظّلم و نسكت و نصمت و نتغافل و نكمل حياتنا كأن الأمر لا يعنينا فلا نُصوِّب و لا نغيِّر ..
تأَكّد أن الأيّام ستدور و سيصلُ الظّلمُ إليك يومًا ما .. من حيث لا تحتسب.. و من حيث لا تتوقّع..
ممّا أثار دهشتي حول الظلم أن الظالم يدّعي الفضيلة في كثير من الأحيان لا بل قد يتقمّصها فيُصدّقها ، و يُصفّق له من حوله من المنافقين الكُثر ، ليقتنع بجريمته و يغلو بظُلمه، و يجور و يفجر دمارًا و ايذاءً و استعلاءً و تجبّرًا و قهرًا..
كم من الحمْقِ أنْ تظنّ أيّها الظّالم ،أنّك ستُخلّد و تعلو أكثر !!.. اعلمْ ، أنّك مهما ملكْتَ و صُلْتَ و جُلْتَ ستقعُ فريسةَ ظُلْمك ، و هؤلاء الذّين ساندوك سيكونوا يوما ما أول من يطيحون بك لا بل سينقلبون عليك..
هذا قانون إلهيّ .. و لقد جعل الله ما يُذكّرنا بهذا القانون ، ليكونَ لنا عظةً و عبرة من قصصٍ و أحداثٍ سُردتْ في كتابه العزيز ، و من عدل الله و رحمته أنْ جعلَ دائما ،خاتمة سوداويّة قبيحة مهينة لكلِّ ظالم شاع في الأرض فسادًا و دمارًا ، و ظنّ أنه سينجو بفعله .. لا بل سيغدو أكثر هشاشةً و ضعفًا.. ليصبحَ كالعودِ الْمُحْترق ، يحرقُ نفْسَه رويدًا رويدًا لا يَنْفكّ و لا يتوقف إلّا و قد أضحى رمادًا تنثره رياح الصّبح الذي سيزيل أثره المقيت، لتحيا الأرض من بعد قحْتها الطّويل، و ترجعُ السّنابل إلى عهدها القديم ، ذهبيّة .. ممتدّة نحو السماء، معانقة نور الشّمس.. فتملأ المروج و السهول ضياءً و نورًا..
ينتظرها الحصّادون مليئة بالخيرات التي لا تنْضَبُ أبدًا.. كلمّا أخدوا منها ، أعطتهم أكثر ،أمنًا و جمالًا و حبًّا و فرحًا و طيبًا، و عزًّا و فخْرًا…
لكل ظالمٍ أقول:
ِعشْ ما شئتَ بظُلمكَ و ازهو به .. حينًا و ستُهزمِ
و اعلمْ أنّك مهما علوْتَ يومًا ستنحني
أتحْسبُ الدُنيا باقية لك مخلّدة
و أنْ لا حسابَ و لا عقابَ محقّقِّ
علوْتَ يوْمًا، سنةً، قرْنًا، دهْرًا.. حسْبُك افتِتانًا و عُجْبًا.. حتْفُك قريبٌ يا معتدي
ستمشي عاري القدمين من دون نعلٍ فلا تفرحِ
ما زِلْتَ ترجو عُلوًّا و تشريقًا و تغْريبًا و تطاولًا
خدعوك أتباعكَ و كافؤوك بظلمك..و أقْنعوكَ أنَّ الخلود ممكنِ.
و تناسيتَ أنَّ لكلِّ ظالمٍ ساعةً لا محالةَ آتيةٌ
و سيغدو خائفًا خاشيًا من ماضيه الأسودِ
لن تنفعَهُ حينها توْبةٌ متأخّرةٌ في حفرةٍ عميقةٍ مظلمةٍ باردةِ
وحيدًا سيبقى مع أعمالهِ و ما كتبتْ يمينُه بحياته ممسكةٌ شماله في لحظة حسابهِ
لا تخف أيّها المظلومُ و لا تأْملْ حُسنَ تعاملِ
و لا ترتجي حقّك المهضوم عند جاهلِ
فلو كان خوفه من الحساب رادعًا
ما نال من رزقك و خيرك وأهلكَ و أرضكَ بخداعهِ
رفعتَ صوْتك حول العالم مناديًا أنْ أغيثوني أنجدوني راجيًا صارخًا أنا مظلوم و لم تُسْمعِ
لا تحزنْ.. ف و ربِّ العزّةِ نصْرُكَ محقَّقٌ بقولِ الآه واحد أمجدِ.
أمّا ذاك الذي اتّخد الهه هواه فقولوا له : ملأْتَ ، لوّثْتَ صفحاتَ التّاريخِ بظلمكِ الأسودِ
و اقْشعرّت الأبدان من فعلك المجْرِمِ
ويْلٌ لك يا بائسٌ . كم ستتلوّى بنار جهنّمِ
ترْتجي حينها رحمةً تُنْجيك من فعلك الأحمقِ
خائفٌ جبانٌ أنْت .. تعلمُ لما ؟!
لأن لصوتِ الحقِّ و الحقيقةِ صدىً مداهُ لا ينتهي
سيرجعُ بقوّةٍ ليكْسرَ قيْدَكَ الصَّدئَ البالي المهتري
سينْتصرُ المظلوم و إنْ بدا بطول انتظاره و صبره يكتفي..
يعلمُ أنْ لا محالةَ نصْرَهُ آتيٌ.. قريبٌ .. مُأكّدِ
لا زيغَ عنه و لا عنه انْكفى.. لأن إيمانه أنَّ اللّيل سينجلي.
لا تحزنْ.. ف و ربِّ العزّةِ نصْرُكَ محقَّقٌ بقولِ الآه واحد أمجدِ.
أمّا ذاك الذي اتّخد الهه هواه فقولوا له : ملأْتَ ، لوّثْتَ صفحاتَ التّاريخِ بظلمكِ الأسودِ
و اقْشعرّت الأبدان من فعلك المجْرِمِ
ويْلٌ لك يا بائسٌ . كم ستتلوّى بنار جهنّمِ
ترْتجي حينها رحمةً تُنْجيك من فعلك الأحمقِ
خائفٌ جبانٌ أنْت .. تعلمُ لما ؟!
لأن لصوتِ الحقِّ و الحقيقةِ صدىً مداهُ لا ينتهي
سيرجعُ بقوّةٍ ليكْسرَ قيْدَكَ الصَّدئَ البالي المهتري
سينْتصرُ المظلوم و إنْ بدا بطول انتظاره و صبره يكتفي..
يعلمُ أنْ لا محالةَ نصْرَهُ آتيٌ.. قريبٌ .. مُأكّدِ
لا زيغَ عنه و لا عنه انْكفى.. لأن إيمانه أنَّ اللّيل سينجلي.

مقال واقعي ممتع و رائع غني بالأمثلة و المعلومات و يعبر عن كل شخص فينا … بارك الله بقلمك و بفكرك و بارك ابنتنا الموهوبة نور …مع خاص محبتي
هنادي
رائع واتمنى ان نراجع ونحاسب انفسنا قبل ان نحاسب.