

للثورة الرقمية أوجه متعددة منها أوجه مشرقة ومنها أوجه سلبية.
- اسمحوا لي هذه المرة وعلى غير عادتي أن ابدأ بالجوانب السلبية نظرا لخطورتها ومدى تأثيرها علينا وعلى أولادنا حاضرا ومستقبلا …
- لعل أبسط هذه المظاهر السلبية تأثيراً وخطورة هي موضة البنطلونات الممزقة التي كنا نتخلص منها لأنها لم تعد مناسبة للاستعمال والآن يدفع فيها شباب العالم من كلا الجنسين مبالغ كبيرة ويفتخرون بها لأنها موضة وهم تحت تأثير نتاجات الثورة الرقمية الموجهة وآليات التحكم التي وفرتها الإيحاءات المشاهدة والإعلام المسيس والممنهج حتى أصبحت السلعة هي التي تبحث عنك أينما كنت وتدخل في منطقة اللاوعي لديك وتشتريها من باب التقليد لممثل أو فنان تحبه وليس من باب القناعة أو الحاجة وهذا مؤشر خطير لغياب القدوات عندنا وتوجه الشباب للبحث عن قدوات خارج منظومة ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وعقيدتنا وتاريخنا وقيمنا.
- كل الأجهزة التي حولنا تجمع معلومات عنا مثل الساعة الرقمية والتلفون والتلفزيون وهذه المعلومات ترسل إلى “سيرفرات وخوادم” عالمية وتشكل ثروة مهولة ومفصلة عن كل شخص منا في العالم أجمع وهم يعرفون عنا أكثر مما نعرف نحن عن أنفسنا.
- الذين يمتلكون المعلومات يجرون تجارب علينا ويبيعونها إلى المؤسسات الرأسمالية والتي تستفيد من كل معلومة قابلة للبيع من أجل توجهينا واستقطابنا وترويضنا والسعر مرتبط بأهمية الشخص.
- الثورة الرقمية قد تقلب الصح إلى خطأ وتفعل ذلك في البيئات الاجتماعية الأقل تعليما وثقافة…
- أصبح الإنسان محاصراً وعارياً وأصبحنا في عصر الإنسان السلعة كل منا له سعر حسب أهميته عند هذه الشركات وبهذا المعنى انتهت الخصوصية وأصبحنا قابلين للتوجيه والتحكم والتطويع والتطبيع والمقايضة والاستقطاب والتجنيد وإن امتنعنا عن الاستجابة لرغباتهم سيتم نشر معلوماتنا السرية والشخصية غير السارة والخاصة جداً على وسائل التواصل الاجتماعي.
- – أدمن العديد من الأطفال استعمال الهواتف فمنهم من انحرف ونهج المنهج السلبي كما هو حال كثير من الأطفال الذين يتابعون فيديوهات القتال والحروب الإلكترونية التي لا نهاية لها والتي تستنزف عقولهم وتقضي على مكعب القدرات عندهم والمتمثل في القدرة على “التركيز والانتباه والتذكر” بل وأصاب بعضهم التوحد والانعزال عن الحياة الطبيعية الصحيحة.
ومع كل هذه الاحتياطات مازال العالم يتعرض لتهديدات كبيرة حيث استطاع شاب عمره خمسة عشر عاماً أن يخترق منظومة البنتاغون ومؤسسات كبرى واستطاع أن يشل حركة الطائرات والقطارات والمؤسسات المالية الكبرى على الرغم من وجود أنظمة حماية متقدمة ومتطورة لديهم وتم سجن هذا الشاب من قبل أهل بلده “العربان” لكن الأجانب الذين يعرفون كيف يستثمرون هؤلاء العباقرة حضروا إلى بلده خصيصاً وأخرجوه منه وأعطي الجنسية الأجنبية وتم نقله هو وعائلته إلى هناك وهؤلاء هم من يقدرون قيمة الذكاء والإبداع والعبقرية ويوظفوها لخدمة برامجهم ومشاريعهم ويفكون الشيفرة التي تمكن من خلالها هذا الشاب من اختراق منظوماتهم ومؤسساتهم المحصنة.
- الجوانب الإيجابية للثورة الرقمية: أتاحت الثورة الرقمية الفرصة الكاملة للطلاب ليتعلموا تعلماً ذاتياً منهم من استفاد منها واستثمر هذه الطفرة ووظفها التوظيف الأسلم ونتج عن ذلك تفوقهم في كثير من المجالات العلمية وخير مثال على ذلك طفل عمره سبع سنوات يتحدث بطلاقة عن الأقمار الصناعية ويتكلم بعمق وشمولية عن ناسا والكون والمجموعة الشمسية وغيرها.
- – الخوارزمي قام بعمل عظيم عندما أنشأ لنا علم الجبر والتفاضل والمقابلة وحين حول الجمل العادية إلى أرقام ومعادلات ولغة رقمية وهو الذي أسس للثورة الرقمية الحالية.
- الكمبيوتر يحول اللغة العادية المتمثلة بالحروف إلى أوامر قابلة للتنفيذ.
- الثورة الرقمية أوجدت الإنسان الآلي حيث أصبحت (سيري) سكرتيرة آلية متميزة تجيب بطلاقة وبدقة عن جميع الأسئلة الشائعة آلياً وهي بذلك تحول الكلمات إلى لغة مسموعة ومقروءة.
- الثورة الرقمية فتحت فضاءات لا حصر لها وأصبح الإنسان يمتد بمعلوماته متجاوزاً ذاكرته المحدودة.
- أحدثت الثورة الرقمية تحولات مذهلة حيث زاد عدد المعلومات بشكل يفوق الخيال وأصبحت الإنتاجية متطورة بفعل الكمبيوتر.
- أصبحنا خوارزميين نتحدث مع البعيدين والقريبين، وبإمكاننا أن نعمل أبحاث ومؤتمرات عن بعد بفضل الله ثم بفضل الثورة الرقمية.
- وبناءً على ذلك أصبح لزاما علينا أن نشكل المدخلات لأولادنا حتى يكتسبوا مهارات متعددة ونوعية تتماشى مع روح العصر ومكوناته العلمية.
بناءً على ما سبق أصبح واجباً علينا أن نزيل أمية التكنولوجيا ونقتحم مجال البرمجيات ويجب أن نزيد الأمان الإلكتروني وأن ننتقل من لعب دور الضحية إلى دور المسؤولية وننتقل من إدانة العصر إلى إدارة العصر لأن العصر لن ينتظرنا ولكن ( تؤخذ الدنيا غلابا…)