المصدر: (رويترز)

يستعيد لبنان شريط ذكريات سينمائية وثقافية مستخرَجة من حكايا الماضي، ليعيد إلى أذهان أبنائه زمنا ذهبيا في وقت يعانون فيه وضعا اقتصاديا هو الأسوأ في تاريخهم، وذلك ضمن فعاليات مهرجان (أيام بيروت السينمائية).
فبعد غياب ثلاث سنوات، عاد هذا المهرجان ليلوّن أيام لبنان متنقلا بين ربوعه في دورة عرض تستمر من العاشر إلى التاسع عشر من يونيو حزيران.
يتضمن المهرجان أعمالا سينمائية من الأردن ومصر ولبنان واليمن والأراضي الفلسطينية وسوريا ستُعرض في صيدا والقبيات وشبعا والهرمل والجية وبر إلياس ومناطق أخرى، وتشمل الفعاليات معرض صور ومناقشات وحفلا موسيقيا تحييه المطربة اللبنانية ريما خشيش.
وقالت المديرة التنفيذية للمهرجان جيسيكا خوري لرويترز “موضوع هذه السنة هو عن علاقتنا مع ماضي المدينة، وهناك معرض عن بيروت في أيام العز ما قبل الحرب ومقتطفات من الأفلام التي كان يتم تصويرها هنا والجو العام الذي كان سائدا في بيروت”.
وتحدثت ريهام عاصي المديرة الفنية للمهرجان عن أهميته في مثل هذه الفترة الحرجة من تاريخ للبنان، وقالت لرويترز “بعد هذه الأزمة والصعوبات والتحديات المعيشية والانفجار الذي صار (في مرفأ بيروت)، يمكن لهذا المهرجان أن يواجه التحديات للمقيمين في هذا البلد والذين يعانون كثيرا، وهو يشكل لهم متنفسا ومساحة مفتوحة لحضور أفلام، أما المخرجين فيعبروا عن حالهم عبر عرض الأفلام”.
وأضافت “الأزمة الاقتصادية خلّت العالم كلها تعاني، البنزين غالي.. المازوت غالي.. بطاقات السينما كتير غالية وصالات ما بقى فيه… فقررنا نعمل العروض كلها ببلاش حتى نقدر أن نقول للعالم تعوا احضروا الأفلام لأنه هيدا منّه ترف، هيدا حقكم ومتنفس للكل”.
افتُتح المهرجان أمس الجمعة بعرض الفيلم الروائي الطويل (فرحة) للكاتبة والمخرجة الأردنية دارين سلام والذي حصد ثلاث جوائز بينها جائزة أحسن فيلم يورومتوسطي وأفضل دور وأحسن إخراج في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة.
و(فرحة) قصة إنسانية تستند إلى واقعة حقيقية تعرضت لها صبية فلسطينية على خلفية أحداث حرب فلسطين، وتقول مخرجته إن اسمه يرمز إلى “الفرحة المسلوبة قسرا من الفلسطينيين، فقد كبَرْتُ وأنا أستمع إلى أجدادي يتحدّثون بحسرة عن فلسطين وأيامها، كأنها فرحة لم تكتمل، لذا أسميتُ فيلمي باسم الشخصية الرئيسية من دون تفكير”.
يطرح الفيلم قصة فرحة الفلسطينية البالغة من العمر 14 عاما والتي تحلم بتلقي تعليمها رافضة فكرة الزواج المبكر مثل قريناتها في ذلك الحين، وحينما تنجح في إقناع والدها وتتسلم ورقة تسجيلها بالمدرسة تقع أحداث حرب 1948 حيث يتوالى خروج الفلسطينيين من ديارهم، ويدفع خوف الأب على ابنته إلى حبسها داخل المنزل لتراقب من خلال الشقوق تحوّل القرية إلى خراب.
وقالت دارين سلام لرويترز أن فكرة الفيلم مستوحاة من حدث حقيقي كانت هي نفسها أحد من استمعوا إليه. وأضافت “القصة سافرت من خلال السنين وبقيت في بالي”.
ويعرض المهرجان الفيلم الوثائقي السوري (حكايا بيتية) للمخرج نضال الدبس الذي أُجبر على مغادرة سوريا مع احتدام الحرب وتوجّه مع أسرته إلى القاهرة حيث يتملكه الحنين إلى منزله الدمشقي، ويجد ملاذه في مقاطع الفيديو والذكريات الخاصة ببيت العائلة.
يحاول الدبس من خلال الفيلم التسجيلي عرض الآمال والانكسارات والتعبير عن الحنين للوطن من خلال مسرح سينما قديم مغلق اكتشفه في قلب القاهرة مستخدما أشرطة الفيديو المنزلية ليروي قصة أمل، ربما كانت مشوبة باليأس أيضا.
تُختتم دورة المهرجان السينمائي بفيلم (البحر أمامكم) للمخرج اللبناني إيلي داغر والذي عُرض ضمن برنامج المخرجين في مهرجان كان عام 2021.
يعكس الفيلم الحالة الراهنة في لبنان من خلال قصة (جنى) الشابة اللبنانية التي تعود إلى بلادها بعد غياب طويل والمرور بتجارب سيئة في غربتها بفرنسا.
ويتناول داغر في شريطه السينمائي حالة المواطن اللبناني بما يعتريه من قلق وترقب وخوف من الآتي، حتى أنه لم يعد يقوى على مجرد الحلم وسط السلبيات السائدة. ويُبرز المخرج من خلال شخصية البطلة حالات لبنانية مثقلة بالهموم والأحزان وينقل عبرها أوجاع الشباب الذين توقفوا عن الحلم بعد أن تملّكم اليأس وحاصر أيامهم فأصبحوا ينتظرون انفجارا أو تسونامي يعصف بالبلد الممزق.
وقال أحمد غصين، وهو صانع أفلام لبناني وأحد الحاضرين في ليلة الافتتاح “أنا كمخرج وكواحد ممن يعملون في القطاع السينمائي أرى أن هذا المهرجان كتير كتير مهم لنا… هو من أهم المهرجانات في العالم العربي لأنه -وبعيدا عن الجوائز- هناك عروض أفلام وتركيز على السينما في بيروت”.
وعلى هامش المهرجان يُفتتح اليوم معرض صور بعنوان (في هذا المكان – شرائط لوسط بيروت)، يسترجع مراحل زمنية مختلفة من مدينة بيروت في سنوات تألقها، متنقلا بين موانئ وفنادق وحانات وشوارع المدينة في الفترة الممتدة من عام 1935 إلى 1975.
وفي ختام المهرجان سيقام حفل موسيقي للمطربة اللبنانية ريما خشيش على مسرح المدينة في 19 يونيو حزيران، حيث تتجسد فكرة المهرجان من خلال أغنيات الزمن الجميل من أفلام مصرية كلاسيكية غنتها في الماضي مطربات وممثلات شهيرات مثل ليلى مراد وهدى سلطان وصباح وشادية وسعاد حسني.


اكتشاف المزيد من News-human media

اشترك للحصول على أحدث التدوينات في بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من News-human media

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading